تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

أكتوبر وعودة الروح

كانت حرب أكتوبر بمثابة بعث جديد.. أضاء النفق المظلم الذى كاد يئد الروح، ولقد واكبت الحرب روح «متوثبة»، فانصهر الجميع وتعالى اللحن الوطنى، مشيدا بحب الوطن وقوة المقاومة وقدرة الشعب على الفعل والتغيير، وتعالت الأغانى وتصاعدت الألحان، ودارت عدسات التصوير المرئى تصور البطولات.. وترصد نماذج الفداء.. وقدمت السينما أعمالا مهمة، وارتجت خشبة المسرح بصيحة النصر..

 

.. وانفعل الأدباء بالحدث العظيم وقدموا تجاربهم ورؤاهم حول تجربة الحرب سواء على أرض المعركة أو بعدها... وازدهت الأعمال الإبداعية بالنماذج البشرية المشرفة، والتضحيات الهائلة التى قدمها المقاتل المصرى، علاوة على اللحظات الإنسانية التى تلاحق ذلك كله، وبدت المدافع فى صورة الإبداع، وهى تطلق داناتها كأنها أشعة مسنونة لإنقاذ الفجر من عتمة الليل.

وجاء الحديث عن حرب الاستنزاف ــ أيضا ــ علامة على أن مصر أمة لا تستسلم، ولا تفرط فى ترابها وكرامتها... إنه حديث موصول بلحظة النصر..

.. يقول نجيب محفوظ عن روح أكتوبر التى تسربت إلى النفوس (... روح مصر تجسدت فى الجنود، بعد أن تجسدت فى زعيمها واتخذ قراره ووجه ضربته...).. ونحن نذكر بكل الفخر الجندى المصرى، وهو يعبر القناة فى قوة وبسالة. ويغرس علم بلده مصر مرفوعا فى الأعالى... ولعل هذه اللحظة المشحونة بانفعال النصر كانت وراء قصيدة صلاح عبدالصبور، وهو يخاطب المقاتل الذى رفع العلم شامخا... وقد أفسح قدميه الراكزتين فى الرمال، إشارة إلى تواصل الجذور والتاريخ..

يقول الشاعر «رأيتك قطعة من صخرة الأهرام منتزعة/ وقد وقفت على قدمين.../ لترفع فى المدى علما...»

... ولقد سجل الأدباء المقاتلون تجاربهم فى صدق فنى مبهر... ففى (أوراق محارب) للمقاتل «عصام الصاوى» رصد للحصار الذى وقعت فيه مجموعة بدر الباسلة.. والتى ضربت المثل فى شرف الجندية وحب الوطن.. والاختبار على الصمود والمواجهة، وتحمل الموقف، وعجز العدو عن أسرهم حتى أصبحت مجموعة «بدر» رمزا للصمود وتجسيد الروح المصرية.. كما رسمت النصوص القصصية الصورة العامة للمحارب المحب لوطنه والمنتمى لقيمه الأصيلة... ورصدت مشاعره فى لحظات الدفاع والمواجهة... لقد باحت النصوص بلحظات إنسانية.. وبقدرة على التنظيم.. وتجلت روح المقاومة فى رفض الهزيمة.. واستجاب الأدب للنصر ونتائجه وعكس المتغيرات السياسية والاجتماعية، وتبدت المعانى المتجددة التى تتسامى مع اللحظة الممتلئة بالفخار.

.. وثمة روايات صدرت بعد حرب أكتوبر مباشرة... واكبت الحدث، وغلب عليها الحس الوطنى العالى والمباشر، وأعلت من قيم التضحية والشهادة وشاع فيها الخطاب الحماسى.. من هذه الروايات، رواية لإسماعيل ولى الدين.. بطلها مصاب بعاهة من أيام النكسة.. ويخوض الحرب ويبرأ بنيرانها ونتائجها.. وتزيل عنه تلك العاهة..

وكذلك رواية المصير 1974، لحسن محسب.. فقد اتخذ الكاتب من القرية رمزا للوطن، حيث شارك أبناؤها فى الحرب، وعبروا الهزيمة، وجاءت رواية (أشياء حقيقية) لفتحى سلامة تعلى من قيمة الاستشهاد، إذ (لا يتم انتصار ولا تحرير أرض بدونه).

ـ أما رواية إحسان عبدالقدوس (الرصاصة لا تزال فى جيبى) فالبطل يستدعى إلى الجيش، ويشترك فى صباح 6 أكتوبر فى عملية فدائية... وكانت الرصاصة التى احتفظ بها سنينا طويلة بعد النكسة هى أول رصاصة تخرج منه تجاه دبابة إسرائيلية... ولاح النصر وهتف بالوطن وأحس بالعزة، وهو يعود إلى قريته مزهوا بالنصر الذى شارك فيه.

إن حرب أكتوبر تحتاج إلى فن روائى يسجل أمجادها.. وعلينا أن نجعل من نصر أكتوبر مجدا موصولا.. وروحا مستمرة.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية