قرارات المجلس الأعلى للإعلام برئاسة الكاتب الصحفى كرم جبر الأخيرة والتى أهمها ضرورة ضبط مدد الإعلانات مقابل المواد الدرامية والبرامج، وأن تحصل الإعلانات على تصريح من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قبل عرضها، كذلك ضرورة ضبط وقت البرامج الحوارية بما لا يزيد على ساعة ونصف بهدف إعطاء المزيد من التنوع فيما هو معروض، وإتاحة مساحات لبرامج أخرى، والحد من الآراء الذاتية لمقدمى البرامج، خطوة هامة من أجل الحد من الإسراف فى الوقت الذى شهدته الشاشات فى الفترة الأخيرة، وتحوُّل مقدمى تلك البرامج إلى نشطاء يقدمون آراءهم فى مختلف القضايا بصورة أحدثت بلبلة لدى المتلقى، وأصبح من الطبيعى اختلاف آراء المذيعين وتوجهاتهم ويتوه المشاهد عن الحقيقة التى يجب أن تصل إليه كاملة دون تشويش أو آراء تغير منها أو تقدمها على نحوها غير الحقيقى. 
استجابة القنوات المختلفة لقرارات المجلس الأعلى للإعلام بداية لتصحيح مسار سنوات طويلة خاصة فى أعقاب أحداث ٢٥ يناير والتى حولت كثيرًا من مقدمى البرامج إلى نشطاء سياسيين ونسوا دورهم الحقيقى وهو تقديم المعلومة كما هى للمتلقى، وتنافسوا فيما بينهم فيمن يستمر فى حلقته مدة أطول حتى وصلت مدة البرنامج فى بعض الأحيان إلى عشر ساعات، وساهم فى ذلك شركات الإعلانات التى كانت سخية مع البعض حتى تفاخر  مقدمو البرامج بكم الإعلانات التى تذاع فى فواصل برنامجهم وأصبحت تلك الإعلانات مقياساً لنجاح المذيع ليصبح طاووسًا إعلاميًا على غير الحقيقة. 

وعلى جانب آخر فإن ضبط مساحة برامج التوك شو سيجعل القنوات تفكر فى تقديم محتوى برامجى جديد ضمن خريطة كل قناة، وهو ما سيثرى الشاشات برامجيا وتنوعا وهو ما يحتاج إليه المشاهد الذى تعوَّد فترة طويلة على برنامج وحيد وقناة قائمة عليه. 

اما بخصوص الإعلانات، فهناك الكثير من الإعلانات التى ما كان يجب عرضها أصلاً، لأسباب كثيرة منها المحتوى وركاكة التنفيذ واحتواؤها على إيحاءات وإفيهات بعيدة عن تقاليد الاسرة المصرية، ومن ثم فإن ما سيقدم منها فى الفترة القادمة سيكون منضبطًا ويتلاءم مع عادات وتقاليد المشاهدين، وهو ما سينعكس على سلوكيات المتلقى الذى أصبح فى الفترة الأخيرة متلقى محتوى إعلانى مُضِر وليس مفيدًا له. 

إنها خطوة هامة تُحسب للمجلس الأعلى للإعلام الذى تدخَّل فى الوقت المناسب بعد أن أصبح الاعلام المرئى منفلتا بصورة كبيرة عانى منها المشاهد وعزف عن المشاهدة وراح يبحث عن غايته فى وسائل أخرى فوقع فريسة للتشكيك والإحباط.