تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
حارس البوابة
فى السنوات الأخيرة، لم تعد مواقع التواصل مجرد مساحة للتسلية أو تبادل الصور، بل تحولت إلى منصات تصنع الرأى العام وتُعيد توجيه النقاشات الكبرى فى المجتمع المصري. ومع ازدياد عدد المستخدمين واتساع مساحة التأثير، بات لهذه المنصات حضور لا يمكن تجاهله فى تشكيل الوعى السياسى والاجتماعى للمصريين.
أتاحت منصات التواصل حرية واسعة للتعبير، وفتحت المجال أمام المواطن العادى للظهور والتأثير، بعيدًا عن هيمنة الإعلام التقليدي. فاليوم، يمكن لرسالة قصيرة أو مقطع فيديو بسيط أن يثير اهتمام ملايين، ويضع قضية محلية على أجندة النقاش الوطنى.
غير أن هذه الحرية، رغم أهميتها، جاءت بلا «حارس بوابة» قادر على التحقق من المعلومة، مما جعل البيئة الرقمية أكثر هشاشة أمام الشائعات والمعلومات المضللة، التى قد تشعل الجدل أو القلق دون أساس.
لا شك أن مواقع التواصل سرعت دخول فئات واسعة من المجتمع فى دائرة النقاش السياسي. فالأحداث الكبرى لم تعد تُقرأ فقط عبر البيانات الرسمية أو التغطيات التلفزيونية، بل عبر التفاعلات التى تشكل فى كثير من الأحيان موجة ضغط على المؤسسات المختلفة
لكن الوجه الآخر لهذا التأثير يتمثل فى اختزال القضايا المركّبة فى عناوين حادة ورسائل عاطفية، ما يؤدى إلى استقطاب سريع، ويحوّل النقاش السياسى إلى صراع بين جماعات افتراضية بدلًا من حوار موضوعى قائم على المعطيات.
اجتماعيًا، لعبت مواقع التواصل دورًا مهمًا فى تسليط الضوء على قضايا كانت مهمشة،. وبرزت مبادرات مجتمعية رقمية أثمرت تغييرًا حقيقيًا فى وعى الجمهور.
لكن فى المقابل، ساهمت هذه المنصات فى تضخيم نماذج لا تُعبّر عن الواقع، وترويج محتوى سطحى يقوم على الجدل والتحريض و«صناعة الشهرة» عبر الإساءة أو المبالغة، ما يؤثر سلبًا على منظومة القيم والسلوك اليومي.
تتجاوز إشكالية مواقع التواصل مسألة الرقابة أو التنظيم. فالقضية الحقيقية تكمن فى نقص الوعى الرقمى لدى المستخدمين، وضعف مهارات التفكير ما يجعلهم عرضة للتضليل أو الانفعال.
ولذلك، تحتاج المؤسسات التعليمية والإعلامية إلى تعزيز ثقافة التحقق من المعلومات، وتقديم محتوى موثوق، مقابل الكم الهائل من المحتوى العشوائى المنتشر يوميًا.
لقد أصبحت مواقع التواصل لاعبًا رئيسيًا فى صياغة الوعى العام تأثيرها كبير ومباشر، لكنه سلاح ذو حدين: قادر على تعزيز المشاركة المجتمعية، كما أنه قادر على خلق حالة من التشويش والاستقطاب.
وبين هذا وذاك، يبقى الرهان الأكبر على بناء وعى رقمى متزن، يُمكّن المواطن من التفاعل مع الساحة الرقمية بعقل ناقد، وبصيرة تحميه من التضليل وتجعله شريكًا واعيًا فى تشكيل مستقبل مجتمعه.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية