تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > عمرو الخياط > الحـــــزن والصمت والدعاء

الحـــــزن والصمت والدعاء

رحل عن عالمنا فجأة وفى صدمة مدوية الأحد الماضى الكاتب الصحفى الكبير محمد عمر، مدير تحرير أخبار اليوم، وأحد أهم المحررين البرلمانيين عبر تاريخ الصحافة المصرية..

كان مكتب الرجل مفتوحا دائما للصغير والكبير، يتآنس الجميع بجلساته وثقافته الواسعة فى مختلف المجالات، وشهد عبر مشوار عمله الصحفى - الذى يزيد على 40 عاما- العصر الذهبى لعمالقة الصحافة المصرية.

وللراحل صولات وجولات كثيرة فى الصحافة السياسية، فكان محررا لشئون رئاسة الجمهورية، والبرلمان، ومجلس الوزراء، ووزارة الدفاع ثم مشرفا على صفحة البرلمان والأحزاب بأخبار اليوم والتى بفضل علاقاته وخبراته التقطت خبايا وأسرار مجلس النواب، بحرفية عالية، بفريق عمل رائع ترأسه.. ولم تقتصر مهارات الرجل الصحفية على اقتناص الأخبار السياسية التى كانت منها مانشتات أخبار اليوم.

ظل الرجل بخبرته ومهارته فى الرصد والتحليل، أستاذا لأجيال تعاقبت، لتنهل من خبرة نادرة افتقدتها أخبار اليوم، ولكنها ستبقى فى أرشيف ذاكرتها إلى الأبد.. هنا على الورق..

بعض الشهادات لزملاء الكاتب الراحل، وأجيال متعاقبة من تلاميذه، يسردون بكلمات قليلة ذكرياتهم معه، وفى قلوبهم جبال من الحزن والأسى على الكاتب الكبير، ولكن عزاؤنا فى ذلك أن الأساطير لا ينساها التاريخ، وستظل خالدة فى العقل والقلب، وإن مرت السنون فستبقى سيرتهم العطرة عصية على النسيان ولن تموت أبدا.

ماذا يفعل الإنسان عندما يجد نفسه أمام حقيقة مجردة.. لا يملك تغييرها أو حتى الهروب منها.. فيصبح الحزن والصمت هما السبيل ازاء الحقيقة.. متألماً على ما حدث.. مفجوعاً من الفراق.. مذهولاً من الحقيقة التى تأخذنا الأحداث ومجرياتها عنها دون ان نتنبه إلى حقيقة حدوثها فى يوم من الأيام.

«إنها حقيقة الموت التى لا نملك أمامها سوى الصمت والدعاء للمتوفى الراحل.. فمنذ أيام رحل زميلى وصديقى محمد عمر.. بعد أن كان يملأ الدنيا صخباً وضحكاً وكأنه متمسك بالحياة إلى اخر لحظة..

لم تتغير طبيعته منذ أن عرفته وزاملته فى أخبار اليوم وتحت قبة البرلمان وخلال السنوات الماضية.. هو كما هو.. لم يتغير.. فنان من الطراز الأول.. يرسم لوحته فى صومعته دون أن يبوح لأحد بما قدمه.. يتعامل مع فنون الصحافة المختلفة بمقياسه الفنى.. انسان ذو طبيعة خاصة جداً..

يخلد للنوم يومياً فى الثامنة مساءً ويستيقظ مبكراً مع أذان الفجر.. نشاط مستمر بالرغم من تقدم السن.. عاشق للضحكة والبهجة.. لم أجده فى يوم من الأيام عابساً أو متجهماً..

دائما دائما وأبداً ضاحكاً حتى فى أصعب الأوقات.. صداقتى به امتدت لسنوات وتعمقت فى السنوات الاخيرة فعرفته عن قرب أكثر.. فاكتشفت كم هو جميل هذا الانسان الذى دائماً ما كان يفاجئنى بأشياء كثيرة فى صميم عمل الجريدة.. وكأنه تعود على هذه المفاجآت..

والتى كانت دائماً سعيدة ومتألقة.. ولكن هذه المرة قرر ان تكون مفاجأته حزينة على الجميع.. فرحل فجأة..

وكأنه كان يريد أن يعرف مدى حب الناس له.. ومدى حزنهم على رحيله.. وكم كنت أتمنى ألا تكون ضمن خططه تلك المفاجأة الصادمة.. وإنما كانت مشيئة المولى عز وجل.. ورحل عمر.. ولكنى لازلت انتظره كل يوم.. ليدعونى على فنجان قهوة كالمعتاد..

ويطلق سيل الدعابات التى لا تنتهى.. وداعاً صديقى وأخى عمر.. واثابك الله أجر محبيك وعوضنا عنك خيراً بإذن المولى».

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية