تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

"نخت" .. في المتحف الكبير

مع الزخم الواسع الذي واكب افتتاح المتحف المصري الكبير الذي أبهر العالم أجمع بقوة وعظمة الحضارة المصرية وعمق التاريخ العريق أحد أهم حلقات الإنسانية قاطبة, لم يفاجئني كم التفاعل مع الحدث من المصريين على وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق تطبيق الصور الفرعونية الذي قام من خلاله ملايين المصريين بجميع فئاتهم وأعمارهم بنشر صورهم بالزي الفرعوني في دلالة قوية على عمق ارتباط الشعب المصري بتاريخه ومدى انتمائه لحضارته التي علمت العالم وحملت مشاعل النور للإنسانية جمعاء,

هذا المصري الذي يمكنه أن يعبر عن عشقه لوطنه بأبسط الطرق وأعمقها في تناغم شديد وهى صفة جميلة ومهمة يمكن الاستفادة منها في تغذية الشعور الوطني وتوحيد وحشد طاقات المجتمع وتدعيم معنوياته بطرق بسيطة لكنها تحمل الكثير من المعاني والدلالات.   

فكرت كثيرا كيف تكون مساهمتي بالكتابة عن هذا الحدث بعيدا عن الاستعراض والمتابعة, وكعادتي في استرجاع الماضي ذكرني الجو الاحتفالي العام الذي يحيط بالحدث الكبير بفكرة قديمة تعود لسنوات بعيدة ولدت في خاطري مع عرض مسلسل الأطفال الياباني الشهير" مازنجر" في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي الذي حقق نجاحا وجماهيرية كبيرة بين الأطفال, حين قمت آنذاك بابتكار شخصية لطفل مصري فرعوني إسمه " نخت"- بكسر النون وسكون الخاء- يتمتع بقوة خارقة مثل "مازنجر" لكن بصيغة مختلفة لها طابع مصري, وكنت أقوم برواية مغامراته لأطفال العائلة والشارع في قريتنا " الصلعا " بمحافظة سوهاج التي تعود في تاريخها إلى العصر الفرعوني,

ولذلك لم يكن من الغريب أن تلاقي الشخصية قبولا وشغفا من الأطفال الذين كانوا كل يوم يتشوقون لحكايات جديدة, ومع انتقالي للقاهرة واشتغالي بالعمل الصحفي نسيت الموضوع لكن- ومن باب المصادفة- فقد تواكب عرض الجزء الأول من مسلسل الأطفال "بكار" في عام 1998 مع بدايات اهتمامي بفنون الطفل,

ومن هنا بدأ تواصلي مع المخرجة الراحلة د. منى أبو النصر وهى واحدة أبرز من نجوم الجيل الثاني من فناني الرسوم المتحركة في مصر لأعيد طرح فكرة شخصية "نخت" عليها ومع إعجابها بالفكرة وطبيعة الشخصية الفرعونية الصغيرة إلا أنها اعتذرت عن تنفيذها في وقتها لانشغالها بمسلسل "بكار" ولأسباب تسويقية,

كما شرحت لي بأن القنوات العربية لا تفضل الأعمال التي تقدم شخصيات فرعونية, وبالتالي فإن هناك صعوبة في تمويل وإنتاج مسلسل تقوم ببطولته شخصية من التاريخ الفرعوني, ورغم علاقاتي التي بدأت تتوسع في هذا المجال إلا أنني لم أفكر في طرح الفكرة مرة أخري من باب أن التركيز الإعلامي كله على شخصية " بكار" ولا وفرصة حقيقية ل "نخت",

وهنا أذكر أن "بكار" كان في الأساس فكرة وانتاج التليفزيون المصري في عهد التليفزيونية الراحلة سهير الإتربي بالتعاون مع قطاع الإنتاج في الفترة من 1998 وحتى 2007 بينما قامت مدينة الإنتاج الإعلامي بانتاج جزأين عام2015 , 2016, وأعترف أنني لم أكن أملك الدأب الكافي لمطاردة الفكرة والبحث عن طرق أخرى لإخراجها للنور ربما من باب الاستغناء واتساع المجال لمشاريع أخرى كان يحدوني الأمل لتنفيذها  في حمى البدايات.

شخصية "نخت" تعبر عن طفل فرعوني له ملامح مصرية صميمة وهو ابن المهندس الذي يبني المعابد ويصنع التماثيل للملك وله شقيقة أصغر منه اسمها "نفتيس" وتبدأ القصة مع عودة الملك تحتمس الثالث منتصرا من معركة مجدو حيث يستقبله الشعب بالحفاوة والاحتفالات وتبدأ مغامرات "نخت" في حماية وتأمين منزله وحقله من اللصوص ليكتشف أن لديه قوة خارقة تخرج من داخله في حالة الخطر عندما يمسك بمفتاح الحياة, حيث تكون القوة على هيئة طاقة تندفع من فمه فتقضي على الأعداء,

يتعلم "نخت" في المعبد كل العلوم ويتفوق فيها ليكرمه معلميه وتتوالى الأحداث والشخصيات ومنها راوي المعبد الذي يروي للأطفال حكايات من التاريخ المصري القديم, كما يستعرض المسلسل الحياة الاجتماعية في مصر القديمة بما فيها من عادات وتقاليد وألعاب للصغار,

يذكر أن اسم "نخت" يعني باللغة المصرية القديمة القوي أو المنتصر على الأعداء ومن أشهر من حمل هذا الإسم الملك "نختبو" الثاني آخر من حكم مصر قبل الغزو الفارسي, كما كان اسم "حورس نخت" يكتب للدلالة على قوة حورس ونصر الفرعون في المعارك..

أتمنى أن تعود الفكرة لترى النور من خلال مسلسل أطفال على شاكلة "بكار" تتبناه الشركة المتحدة بما تملكه من طاقات إنتاجية وقنوات ومنصات إعلامية تغنيها عن التسويق في الفضائيات العربية وتمنحها حرية انتاج الأفكار التي تنمي الروح الوطنية المصرية لدى النشء من خلال توعيته وتغذية انتمائه إلى جذوره الحضارية.

من زاوية أخرى يمكن استغلال الشخصية أو بالأحرى صناعتها من الأساس عن طريق تجسيدها عمليا من خلال طفل أو عدة أطفال يقومون بالتبادل بشخصية دليل أو مرشد يستقبل الأطفال مرتديا الزي الفرعوني في رحلات المدارس ليكون قائدا ودليلا لهم في ساحات المتحف المصري الكبير,

وفي هذه الحالة يتم اختيار الأطفال سنويا عن طريق مسابقة فنية يتبناها التليفزيون المصري بالتعاون مع وزارتي الثقافة والسياحة والآثار أو المتحف الكبير وهى مسابقة لن تكلف التليفزيون شيئا بل ستحقق له أرباحا من رعاة محتملين كثر لمسابقة وطنية بهذا الحجم.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية