تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

أعده كتابا غاية في الأهمية، بل هو المرجع الشامل والموثق في موضوعه، ذلك هو الكتاب الضخم الذي أصدره أخيرا الكاتب الصحفي الدكتور محمد الباز في مجلدين بعنوان «هيكل ومبارك.. حروب باردة بين الكاتب والرئيس»، والحقيقة أن موضوع الكتاب أوسع بكثير من العلاقة المضطربة التي جمعت - أو فرقت - بين الأستاذ هيكل والرئيس مبارك منذ تقابلا في قصر الرئاسة بعد الإفراج عن الساسة المعتقلين في عصر السادات وحتي رحيل هيكل عام 2016 وما نسب لمبارك من القول: «أخيرا.. لقد أراح واستراح»، بل إن الباز يعود لما قبل هذا اللقاء الأول بالصدفة التي جمعتهما في ردهة أحد المباني العسكرية، وهو ما يشير للدقة الفائقة التي تعامل بها الباز مع موضوعه الذي أري أن أحدا لم يلم بأدق تفاصيله مثلما فعل، فهو لم يترك تفصيلة صغيرة أو كبيرة، معروفة أو مجهولة، دون أن يضعها في سياقها، ودون أن يتطرق إليها بالتوثيق والتحليل، وقد تساوي عنده ما يضيف إلي صورة هيكل البراقة المشرقة وما ينتقص منها، فتعامل مع الاثنين بموضوعية الباحث الأكاديمى، وإذا كانت الصورة الناصعة لهيكل هي التي فرضت نفسها في النهاية علي الكتاب فقد جاءت نتاجا للبحث والدراسة الموضوعية وليس لانحياز مسبق، ومع ذلك فإن العلاقة بين الكاتب والرئيس التي استوفاها المؤلف كما لم يفعل أحد من قبل، لم تكن في الحقيقة إلا المنظور الذي تمت معالجة الموضوع من خلاله، فالكتاب هو تأريخ دقيق للمرحلة الثانية من حياة هيكل والتي بدأت برحيل عبدالناصر، وخروجه من الأهرام، وتأكدت بانصرافه عن الكتابة الصحفية، فتجرد من كل أدوات قوته، وهو ما كان يكفي للقضاء علي أسطورة هيكل، لكن التسجيل الدقيق لأحداث المرحلة التالية - سواء ما اتصل منها بعلاقته بالرئيس أو لم يتصل - يوضح كيف استمرت الأسطورة بأدوات أخرى، فأصبح هيكل أكثر تألقا وأوسع تأثيرا بعد ابتعاده عن رأس السلطة، وكأن الكاتب حين يتحرر من قيد علاقته بالسلطة ينطلق إلي آفاق أكثر رحابة، لكن شريطة أن يمتلك قدرات وأدوات هيكل.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية