تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
مسيرة تحرر
ياله من كتاب ذلك الذى أصدره أخيرا الوزير السابق محمد فايق حاويا مذكراته بعنوان «مسيرة تحرر»، وهى مسيرة ثرية لأحد أبناء هذا الوطن الذى شاءت الأقدار أن يكون ممن ساهموا فى صناعة مستقبل أمتهم، وذلك من خلال تغيير واقع متخلف وبناء واقع جديد ينهض بالبلاد ويخطو بها إلى الأمام، هو رفيق عبدالناصر الذى وضع فيه ثقته وكلفه بعدة مهام حقق فى كل منها نقلة نوعية، مازلنا نتمتع حتى الآن بما لم يتم هدمه منها فى عصور تالية، ورغم القدرية التى سيطرت على حياة محمد فايق واختارت له طريقه فى الحياة، فحولته من طالب الطب إلى طالب الكلية الحربية، ومن العسكرية إلى الاستخبارات، ومن المسئول الأول عن ملف العلاقات الإفريقية إلى وزير الإعلام، إلا أن هذا الكتاب موضوعه فى الحقيقة هو حرية الاختيار، فكل ما قام به محمد فايق فى مختلف مراحل حياته كان إعمالا لإرادته الحرة، وانعكاسا لقناعاته الشخصية، وتعبيرا عن خلقه الرفيع، فهو الذى اختار رفض الاعتذار للسادات عما لم يرتكبه، رغم علمه بأن السطور القليلة التى سيكتبها ستنهى فترة سجنه فى اليوم التالى مباشرة، وهو الذى اختار بعد عشر سنوات قضاها فى السجن ظلما، عدم الإنسياق فى طريق الانتقام ممن ظلموه، فرفض نشر كتاب لأحد كبار الكتاب يهاجم بسخرية لاذعة جلاده الذى لم يرحمه، والذى أعاده إلى السجن بعد انتهاء فترة حبسه بشهور، وهو الذى اختار أن يكرس وقته بعد خروجه من السجن لنشر المعرفة والتنوير بين أبناء أمته من خلال دار النشر التى أسسها، وهو الذى اختار أن يهب ما بقى من حياته ــ أمد الله فى عمره ــ للدفاع عن حقوق الإنسان فى مصر وفى وطنه الأكبر فأصبح أحد أهم مؤسسى حركة حقوق الإنسان فى العالم العربى، هذا كله بعد أن تحرر من قيود الوظيفة التى كانت تسهم فى توجيه أفعاله، وبعد أن تحرر من قيود السجن الذى كان يقيد حركته، أما فى عمله الوظيفى فقد ترك وراءه إنجازا لو احتفظنا بجانبه الإفريقى وحده لتجنبنا الكثير مما نعانيه الآن.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية