أختلف مع من يتصورون أن قرار ترامب بترحيل سكان غزة إلى كل من مصر والأردن هو خاطر طرأ له فجأة فنطق به دون أن يخضعه للبحث والدراسة، فالحقيقة هى أن هذا الاقتراح ما هو إلا مخطط مدروس تم إعداده سلفا بكامل تفاصيله، فقد لا يعرف البعض أن جاريد كوشنر زوج ابنة ترامب ومستشاره السابق فيما يتعلق بالشرق الأوسط ألقى محاضرة فى جامعة هارفارد الأمريكية فى فبراير من العام الماضى، وهى متاحة على وسائل التواصل الاجتماعى لمن يريد العودة إليها، عرض فيها الإمكانات الاستثمارية الهائلة المتاحة فى غزة، والخطة الأمريكية لتحويل القطاع إلى ناطحات سحاب تشبه دبى، وأضاف أنه يمكن أيضا إقامة فندق هناك من سلسلة فنادق ترامب، ومثل هذه الخطة تستلزم تفريغ المنطقة من السكان حتى لا يعوق وجودهم عمليات البناء والتعمير، حيث ستتحول غزة بكاملها إلى موقع بناء، فهل من قبيل المصادفة أن يطلق ترامب نفس هذا الاقتراح بعد أيام فقط من توليه الرئاسة؟ إنه مخطط الترانسفير القديم الذى يقضى بتهجير الشعب الفلسطينى قسرا من أراضيه، والذى يعكس السياسة التى اعتمد عليها إنشاء الدولة اليهودية من البداية، حيث تم تطبيقه عن طريق حرب 1948، وبعد ذلك عن طريق الطرد وهدم البيوت ومصادرة الأراضى، وإذا كانت كل من مصر والأردن قد رفضتا المشاركة فى عملية التهجير المخالفة لجميع القوانين الدولية ومتعارضة مع قرارات الأمم المتحدة، فإنه يتردد الآن أن إدارة ترامب تدرس إمكان ترحيل ما يقرب من نصف مليون فلسطينى من غزة إلى إندونيسيا، مدعية أنه لإفساح المجال لأعمال البناء والتعمير، وقد نسمع فى الأيام المقبلة عن اقتراحات بدول أخرى، فالمهم هو أن يتم إخلاء غزة من السكان، ومن الغريب أن يأتى هذا الاقتراح الأمريكى العبقرى فى الوقت الذى تقوم فيه السلطات الأمريكية بترحيل المهاجرين الأجانب الآتين من أمريكا اللاتينية وطردهم خارج البلاد، وتعليقا على مقترح ترامب فقد امتلأت مواقع التواصل الاجتماعى بتعليقات تدل على حجم الرفض الشعبى الكامل لهذا الاقتراح، فقد تساءل البعض لماذا لا تقوم أمريكا نفسها باستضافة الإسرائيليين فى عدد من ولاياتها.