تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
لماذا الأستاذ هيكل؟
لم يترك أحد فى الصحافة المصرية على امتداد تاريخها أثرا أعمق من ذلك الذى تركه محمد حسنين هيكل الملقب عن جدارة بلقب الأستاذ، والذى تحل اليوم الذكرى المائة لميلاده، وقد أطلق عليه تلك التسمية أداؤه المتفوق وأستاذيته المهنية النادرة، وتصور البعض أن إلغاء الألقاب فى عصر الثورة الذى تفتحت فيه مواهب هيكل الصحفية هو الذى دفع الناس لتلقيبه بالأستاذ، لكن هذا غير صحيح، فقد كان الرجل الثانى فى أهرام هيكل هو ذلك الرجل الفاضل وراقى الخلق على حمدى الجمال، وكنا نطلق عليه لقب على بك، بينما كنا نعرف رئيس التحرير بلقب الأستاذ هيكل، فإلى جانب موهبته الصحفية الفذة وقدراته الشخصية المتفوقة، كان هيكل أستاذا لجيل بأكمله، وكان معنيا بشكل شخصى بتربية جيل من الصحفيين الأكفاء الذين أثروا الصحافة المصرية والعربية من بعده، وكل من عمل معه يذكر الدروس التى تعلمها منه، ولن أنسى يوم فصلت من الأهرام عام ١٩٧٣ ضمن قائمة من ١٠٤ كتاب وصحفيين ضمت أحمد بهاء الدين ويوسف إدريس وأحمد حمروش وغيرهم، وطلب منا أن نسلم أنفسنا لمصلحة الاستعلامات الحكومية ففعلنا، وكان هيكل فى رحلة للشرق الأقصى، وبعد عودته حرص على أن يستدعينى لمقابلته وقال لى: هل سلمت نفسك بالفعل لمصلحة الاستعلامات؟ قلت: نعم. قال: لماذا؟ قلت: كان قرارا من الرئيس السادات، فقاطعنى قائلا: الرئيس السادات من حقه أن يصدر ما يريد من قرارات كرئيس للجمهورية، لكنك أنت وحدك الذى تملك أن تحول نفسك من صحفى إلى موظف حكومة. فندمت على الخطأ الذى ارتكبته فى حق نفسى، وأدركت أن لى إرادة حرة تسمح لى بالتمسك بصفتى الصحفية، وبمعرفة متى أرفض ما يعرض علىً، وكان ذلك درسا مهما فى بداية حياتى الصحفية اهتديت به طوال عملى بالصحافة والذى امتد نصف قرن من الزمان، كما تعلمنا أيضا من مواقف هيكل الشخصية ما لم يلقنه لنا، وقد حرص هيكل بعد أن ترك الصحافة أن ينشيء مؤسسة صحفية تواصل رعايته لشباب الصحفيين بعد رحيله، وهى مؤسسة هيكل التى سنحتفل معها اليوم بتقديم جوائزها السنوية لجيل تالى لنا من شباب الصحفيين.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية