ياله من كتاب نادر ذلك الذى أرسل لى صديق نسخة مصورة منه! هو كتاب صادر فى فلسطين عام ١٩٣٨، بعنوان «فلسطين الشهيدة»، وهو عبارة عن «سجل مصور لبعض فظائع الإنجليز واليهود من عام ١٩٢١ إلى عام ١٩٣٨» كما يشير عنوانه الفرعى، ويعدد الكتاب تلك الفظائع فيذكر النسف والحرق والتخريب والنهب وتدمير المدن والقرى والتعذيب والتشويه وقتل النساء والأطفال وإهانة كتاب الله وتخريب المساجد، وهو يفرد لكل من هذه الفظائع فصلا مستقلا يضم صورا فوتوغرافية لما اقترفه اليهود المهاجرون من جرائم فى حق الشعب الذى استقبلهم بعد هروبهم من الاضطهاد النازى فى أوروبا، ويوضح الكتاب مشاركة الاحتلال البريطانى فى الكثير من تلك الجرائم، ومساندته لليهود فيما اقترفوه، ويكتسب الكتاب أهميته أولا من أنه يعتمد على الصورة الفوتوغرافية فى عصر لم يكن يعرف الفوتوشوب، لذا فكل من هذه الصور يمثل دليلا دامغا على الوحشية التى اتبعها اليهود المهاجرون منذ أن وطأت أقدامهم أرض فلسطين، من ناحية أخرى يثبت الكتاب أن ما نشهده اليوم فى غزة هو سياسة إسرائيلية متأصلة وليست رد فعل لعملية قامت بها حماس يوم ٧ أكتوبر الماضى، بل هى سياسة تعود لسنوات ما قبل قيام الدولة اليهودية، أما على المستوى التاريخى فالكتاب يثبت زيف مقولة إن العرب هم البادئون بالعداء للدولة الوليدة التى أقرتها الأمم المتحدة فى قرار التقسيم، فليس صحيحا أن الدولة اليهودية الصغيرة لم تكن ترغب إلا فى العيش فى سلام مع جيرانها العرب لكنهم بادروها بالعداء، فحرب ١٩٤٨ مثلها مثل طوفان الأقصى، كانت رد فعل لما يسجله هذا الكتاب النادر من فظائع مصورة تعود إلى ما قبل قيام إسرائيل، وما يحدث فى غزة الآن هو تكرار لكل ما ترويه صور هذا الكتاب، وبعضها لا يختلف على الإطلاق عن الصور التى تطالعنا بها اليوم وسائل التواصل الاجتماعى إلا فى كونها بالأبيض والأسود وليس ملونة، فهل هناك من ناشر يعيد طباعة هذا الكتاب النادر بصوره التى تروى القصة الحقيقية لفلسطين والتى أخفتها آلة الدعاية الصهيونية طوال أكثر من قرن كامل من الزمان.