تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
صنع الله إبراهيم
أول ما تبدى أمامى حين قرأت خبر الرحيل الحزين للصديق صنع الله إبراهيم هو تلك الأيام السعيدة التى قضيناها معا فى مدينة ميريدا بالمكسيك قبل أكثر من 30 عاما، يومها كانت المدينة تقيم مهرجانا للرواة تدعو إليه كتابا من مختلف دول العالم ليشاركوا فى حلقات المهرجان التى كانت تقوم على الحكي، حيث كان كل كاتب يقرأ أعماله على الجمهور، وذلك إحياء لفن السرد الشفهى القديم الذى تولد عنه الأدب المكتوب،
قضينا فى المهرجان نحو 10 أيام ممتعة نتبادل فيها الرؤى والأفكار الخاصة بالأدب والسياسة والحياة بشكل عام، وتحدثنا عن تجربة السجن التى مررنا بها، أنا لما يزيد على خمسة أسابيع قضيت معظمها فى سجن الاستئناف فى عصر السادات، وهو لما يزيد على خمسة أعوام قضى معظمها فى سجن الواحات فى عصر عبد الناصر،
وقد تحدثنا عن تأثير تجربة السجن على الإنتاج الأدبى لكل منا، فقال لى صنع الله إن السجن كان بمثابة الجامعة التى تعلم فيها كيف يكتب وذلك من خلال قراءاته المتعددة والتى كانت أكثر غزارة فى تلك الفترة عن أى فترة أخرى فى حياته، وقال: حين دخلت السجن لم أكن كاتبا، لكنى خرجت منه كاتبا،
وأذكر أنه فى أحد الأحاديث الصحفية التى كانت تجرى معنا فى المهرجان سُئِلَ صنع الله عن الجامعة التى تخرج فيها فقال على سبيل الدعابة : جامعة الواحات! ونشر الحديث بأقوال صنع الله كما نطق بها.
كنت أعرف كتابات صنع الله جيدا حيث تابعت رواياته وقصصه القصيرة منذ بدأ ينشرها، لكنى فى هذه الرحلة تعرفت على صنع الله الإنسان، والذى كان من أهم صفاته الزهد وعدم التطلع للمظاهر التى كثيرا ما تبهر أنظار البعض،
وأذكر أننا خرجنا نتسوق فى المدينة وأراد صنع الله أن يشترى «بلوفر»، وحين عرض علينا البائع ما لديه لم يختر إلا أكثرها تقشفا، فقد كان من أكثر اليساريين الذين عرفتهم صدقا فى إلتزامه بذلك الفكر الذى دفعه للانضمام إلى حركة الشيوعيين «حَدِتو» الذى قاده بعد ذلك إلى السجن الذى كان له أكبر التأثير على حياته.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية