أحدث مما صرح به ثعلب الدبلوماسية العجوز هنرى كيسنجر الذى بلغ أول أمس عامه المائة هو التحذير من سياسة الغرب تجاه الصراع الروسى الأوكرانى حيث قال: لقد قمنا بتسليح أوكرانيا لدرجة أن تصبح أفضل الدول تسليحا بأقل قيادة ذات خبرة إستراتيجية فى أوروبا!

 وإلى جانب ما ينطوى عليه هذا التصريح من نقد واضح لسياسة الولايات المتحدة فى هذا الشأن فهو يتضمن تحذيرا مما قد يصيب العالم من دمار جراء وضع تواجه فيه دولة مسلحة بأحدث الأسلحة فى مواجهة أقوى دولة نووية فى العالم إذا كانت قيادتها عديمة الخبرة الإستراتيجية!

فروسيا لديها أكبر مخزون من الرءوس النووية فى العالم، فى الوقت الذى يستمر الغرب عن طريق حلف الناتو ذى الـ٣٢ عضوا فى تسليح أوكرانيا مما يصعد الأزمة بين الطرفين!

ومن المعروف أن هناك ٩ دول فى العالم تمتلك القدرة النووية، وهى روسيا والولايات المتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا وباكستان والهند وإسرائيل وكوريا الشمالية، وهم يمتلكون مجتمعين ١٢٧٠٠ رأس نووية، من بينها ٩٤٠٠ رأس نووية فى حالة تعبئة، ومن بين هؤلاء تمتلك روسيا وحدها ٥٩٩٧ رأسا نوويا، تتبعها الولايات المتحدة بـ٥٤٢٨ رأسا نوويا منتشرة فى الولايات المتحدة وخارجها فى تركيا وإيطاليا وبلجيكا وألمانيا وهولندا، ويشكل مجموع ما تمتلكه الولايات المتحدة وروسيا مجتمعين ٩٠٪ من مجموع الرءوس النووية فى العالم، ومن بين تلك الذخائر النووية هناك ما يعتبر أسلحة نووية تكتيكية وتمتلك روسيا من الرءوس النووية التكتيكية ١٩١٢ رأسا بينما تمتلك الولايات المتحدة ١٠٠ منها موزعة فى خمس دول أوروبية، ومثل هذه الأسلحة رغم أنها أقل دمارا فهى تولد انفجارا يعادل ٣٠٠ كيلو طن وهو ما يمثل ٢٠ ضعفا لما ألقت به الولايات المتحدة على هيروشيما ونجازاكى فى اليابان، لذلك فحين تعلن الولايات المتحدة أن الهدف من الحرب الروسية الأوكرانية هو هزيمة روسيا هزيمة مؤكدة وهو ما سبق أن انتقده كيسنجر فى مناسبة سابقة، وحين تستخدم فى ذلك أقل القيادات خبرة فى الإستراتيجية السياسية فى أوروبا، فإن ذلك يشكل للعالم خطرا محدقا يهدد بأن يقضى فى تداعياته النهائية على العالم كله.

msalmawy@gmail.com