فى حياة الشعوب كثيرا ما تبرز أغنية شعبية تعبر عن اللحظة التاريخية الراهنة وتتحول إلى تجسيد لها، هكذا كانت أغنية شعبان عبد الرحيم الشهيرة «أنا بكره إسرائيل وبحب عمرو موسى» التى عبرت فى وقتها عن شعور الغضب الذى اجتاح المجتمع المصرى والعربى بعد ضرب إسرائيل لغزة عام ٢٠٠٠ ومقتل الطفل محمد الدرة، وعن التقدير الشعبى الذى لاقته مواقف وزير الخارجية آنذاك عمرو موسى فى مواجهة صلف إسرائيل ووحشيتها، وبالمثل تجيء اليوم تلك الأغنية التى تجتاح مواقع التواصل الاجتماعى للفنانة الأصيلة خفيفة الظل ياسمين عبد العزيز، والأغنية ما هى إلا إعلان مبتكر عن منتج مصرى جديد من رقائق البطاطس «بيج شيبس»، لكنها فى الحقيقة تمثل احتفاء واجبا بالصناعة الوطنية وتعبيرا عن المقاطعة الشعبية للمنتجات الأجنبية التى تدعم الكيان الصهيونى، وتمكنه من مواصلة حرب الإبادة الوحشية التى يقودها حاليا ضد الفلسطينيين، وهكذا جاءت الأغنية تجسيدا للحظة التاريخية التى نعيشها اليوم والتى تشهد جانبا مضيئا من العمل الوطنى الشعبى يتخذ من المقاطعة وسيلة فعالة لمواجهة الهمجية الإسرائيلية التى يقف العالم أمامها عاجزا عن مواجهتها، وبهذا المعنى تكون الأغنية فى الواقع أغنية وطنية أصيلة وإن جاءت فى قالب موسيقى راقص، وقد استطاعت ياسمين عبد العزيز بجمالها وبموهبتها المتفجرة أن تتفاعل مع ألحانها الأخاذة وإيقاعها الراقص بشكل يضمن لها ليس فقط الانتشار السريع، وإنما أيضا الاستمرارية فى الضمير الشعبى المصرى، فهى أغنية نابعة من مشاعر شعبية صادقة ومعبرة عن موقف وطنى أصيل، ورغم سجل ياسمين عبد العزيز الفنى الحافل بالأعمال الناجحة إلا أنها بهذه الأغنية/الإعلان تدخل مجالا جديدا يعيد لنا من جانب خفة وموهبة سعاد حسنى، ومن جانب آخر الموهبة الاستعراضية النادرة لنيللي وشريهان، كل التحية لجميع من شاركوا فى هذا العمل الفنى الجميل، من كاتب الكلمات للملحن لمصمم الرقصات والملابس للمخرج قائد هذا العمل الذى يثبت أن الفن الوطنى لا يكون فقط بالأناشيد الوطنية والمارشات العسكرية، وإنما يمكن أن يجيء فى شكل موسيقى راقص، شريطة أن يكون بهذا المستوى الراقى الذى جاء به إعلان ياسمين عبد العزيز الذى يدعو للمقاطعة ويكتفى بالمنتج الوطنى.