القول بأننا قد اعتدنا منذ زمن طويل على الاقتناع التام، بأن لمصر كلها وللمصريين جميعًا حالة رمضانية متفردة وخاصة جدًا بين كل الدول العربية والإسلامية،...، هو قول صحيح وحقيقة مؤكدة على أرض الواقع.

فرمضان بالنسبة لكل المصريين مختلف، وأيضًا رمضان فى مصر بالذات مختلف عنه فى أى مكان آخر من دنيا الله الواسعة،...، ذلك دون مبالغة هو ما يحس به ويقتنع به كل المصريين.

ورغم  اختلاف الحالة الرمضانية عما كانت عليه منذ سنوات وسنوات، فإنها ظلت مختلفة ومحتفظة بخصوصيتها وتفردها التى تميزت بهما عن غيرها من الحالات الرمضانية فى كل بلاد وأقطار العالمين العربى والإسلامي.

وبالمناسبة لسنا نحن فقط من نقول بذلك، ولكن يتفق معنا فى هذا القول كل الأخوة العرب والأشقاء فى كل الدول الإسلامية على وجه العموم والشمول.

ومبعث الحالة الرمضانية الخاصة بالنسبة لنا جميعًا تجاه الشهر الكريم، تعود فى أساسها وجوهرها إلى ذلك الكم الهائل من المشاعر الروحانية، الكامنة فى عمق ووجدان كل المصريين لشهر الصوم والعبادة، والتقرب إلى الله عز وجل سعيًا لرضائه وغفرانه.
وتعود كذلك للتفاعل الإيجابى الوجدانى والتلقائى مع معنى ومبنى شهر الصوم فور قدومه إلينا، وبمجرد أن تهل علينا أنواره، وتغمرنا بضيائه وإشراقاته المنبعثة من كل أرجاء الكون، والنافذة مباشرة إلى عمق النفوس المصرية المطمئنة والطيبة، المؤمنة والمحبة والخاشعة لقدرة الله وعزته وجلاله، والواثقة فى حفظه وحمايته لمصر وشعبها من كل شر.

وعندنا فى مصر يشعر الكل بروحانيات الشهر الكريم وإشراقاته الدينية العطرة، التى تشع من جميع المساجد وكل الأضرحة لأولياء الله الصالحين أهل البركة، ابتداء من الجامع الأزهر ومساجد سيدنا الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة، إلى مسجدى محمد على بالقلعة وعمرو بن العاص، وصولاً إلى المرسى أبوالعباس والسيد البدوى وإبراهيم الدسوقى وعبدالرحيم القناوي،...، وغيرها وغيرها بطول وعرض مصر من أسوان وحتى الإسكندرية.

وفى مصر أيضًا بجوار ذلك ومن حوله سهر حتى صلاة الفجر، وكم هائل من الأنشطة الثقافية والدينية والترويحية،...، وقبل ذلك وخلاله ومن بعده تجد الكل فى رمضان يسعى جاهدًا لصفاء النفس وترطيب القلب بالدعاء والعبادة متطلعًا إلى رضا الخالق الوهاب الغفور الرحيم، متشوقًا وطامعًا فى هدايته وغفرانه.

أعاده الله علينا وعليكم وعلى مصرنا الحبيبة بكل خير وسلام.