لا أحد يعلم حكاية الطفلين إياد وأمجد سوى من شاهدهما، الأول ابن غزة الذى لقيته فى دوران نتساريم، وكنا فى أول أيام انتفاضة الأقصى (سبتمبر ٢٠٠٠) عقب فشل مفاوضات كامب ديفيد برعاية الرئيس الأمريكى الاسبق بيل كلينتون بين الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات ورئيس وزراء إسرائيل العمالى إيهود باراك. الواقعة كانت ليلا بعد استشهاد الطفل محمد الدرة فى غزة، ولكن الطفل إياد لم يولد ليموت برصاص جندى إسرائيلي، فكان هو السباق لمهاجمة مدرعة إسرائيلية، ورغم كونها مصنوعة من الفولاذ ومحمية تماما بالسلك الشائك وكانت حجارة الفلسطينيين هى سلاحهم الوحيد آنذاك، فلم يكن أمام الطفل إياد سوى القفز على المدرعة من الخلف والسير فوقها حتى ذهب للأمام وقذف حجارته على الجنود.

طفل صغير لا يتعدى العاشرة من عمره أدخل الرعب فى قلوب الجنود داخل المدرعة المصفحة، وأصيبوا بالارتباك الشديد وظلوا يخبئون وجوههم بأيديهم، رغم يقينهم بأن الحجارة لن تخترق السلك الشائك والزجاج المصفح.

شجاعة طفل فلسطينى أعزل يملك قلبا جسورا وروحا مقدامة على المقاومة، أمام جندى مدجج بالسلاح داخل دبابته ومع ذلك فهو جبان. أما أمجد فكان من القدس الشرقية، وشاهدته أمام مطار قلنديا فى الطريق الواصل بين القدس ورام الله، وبدأت الواقعة بأن أطلق إياد الحجارة من مقلاعه باتجاه جندى حراسة المطار فى برج المراقبة، وظل إياد يقذف حجارته على الجندى الذى رد بأربع طلقات، أمام وخلف إياد ويمينه ويساره، ثم أطلق الطلقة الخامسة على رأس الطفل لينفجر الدم منه فى مشهد مأساوي. إياد صاحب موقعة مطار قلنديا وُلد بطلا. واقعة أخرى من وقائع انتفاضة الأقصى ٢٠٠٠، عندما قرر ماهر الريس رئيس تليفزيون فلسطين فرع غزة إنتاج «فيلم أنيميشن» يتم بثه كبرومو بين البرامج، وكانت فكرته بسيطة جدا، فكان لسيدة فلسطينية تلد طفلا ثم ترضعه قنابل من ثدييها، ليطير الطفل ويكبر ويمطر الإسرائيليين بذات القنابل. الفيلم أزعج الإسرائيليين بشدة وطالبوا أعضاء اللجنة الأمنية من الجانب الفلسطينى بعدم بثه، بسبب تأثيره السلبى على الجنود الإسرائيليين.

مجرد فيلم خيالي، أم ترضع طفلها قنابل ليشتد عوده ثم يطلقها على الجنود الإسرائيليين، ولكن الخيال وليس السلاح أرهق مضاجع الإسرائيليين. وبعد كل هذا ..يتساءل الضعفاء عن «ما فائدة أسلحة الفلسطينيين البدائية؟» إنها روح الأرض التى لا تموت.