الكل يعلم قضية شركة هواوى لصناعة التكنولوجيا المتقدمة مع كندا والولايات المتحدة، فلم تكن مجرد أزمة عابرة بين شركة ودولتين، وإنما امتد صداها للعالم أجمع، ورغم مرور سنوات على انتهاء الأزمة فلم تذهب تداعياتها حتى الآن، على الأقل فى الصين، فهم يتذكرونها كأنها أمس، على اعتبار أن القضية مست الأمن القومى للصين وخصما من رصيدها الدولى، سياسيا واقتصاديا وتكنولوجيا.

لماذا نتحدث عن القضية بعد مرور كل هذه السنوات؟.. ففى خلال جلسة «استجابة وسائل الإعلام للفرص والتحديات التكنولوجية الجديدة» على هامش القمة العالمية للإعلام بمدينة جوانزو بالصين فى بدايات الشهر الحالى، لم تترك مديرة الجلسة مياو جياوجوان ناشر مجلة «أوتاوا لايف» الكندية دانيال دونوفان يغادر موقعه على منصة الكلمات بعد إلقاء كلمته فى الجلسة المشار إليها، إلا وأوقفته ليقول رأيه فى قضية اعتقال السلطات الكندية، منج وانزو، المديرة المالية لشركة «هواوى» الصينية وابنة مؤسسها بمطار فانكوفر فى ديسمبر 2018، بغرض تسليمها للولايات المتحدة لمحاكمتها هناك بتهمة انتهاك العقوبات الأمريكية بتهمة بيع الشركة معدات اتصالات إلى إيران.

عادت قضية هواوى إلى الواجهة من جديد، على الأقل خلال القمة الإعلامية، وشرح دونوفان أبعاد تناول الإعلام الكندى تفاصيل الأزمة وقت حدوثها، حيث تورطت بلاده فى أزمة دبلوماسية مع الصين بالنيابة عن الولايات المتحدة بحجة قانون تسليم المتهمين بين كندا وأمريكا والمكسيك.

ربما أثارت مياو جياوجوان القضية خلال الجلسة، التى أدارتها لتذكر جميع المشاركين بواقع الإعلام الدولى الذى يناقض أخلاقيات المهنة وأدبياتها، خاصة وأن الإعلام الكندى لم يكن محايدا واتخذ موقفا عدائيا بشأن «هواوى» وأيد الموقف الكندى.

قضية «هواوى» كانت مثالا على انحياز الإعلام الغربى، وهو ما نراه فى وقتنا الراهن بشأن تغطية أحداث الحرب الإسرائيلية على غزة، فهو يتناول الحرب بعين الجيش الإسرائيلى ويبتعد تماما عن البعد الإنسانى ومدى معاناة الشعب الفلسطينى على مدى أيام الحرب الغاشمة وكيف فقد أمنه وأمانه بين ليلة وضحاها.

الإعلام الغربى لا يرى الحقيقة ويغطى الأحداث مغمض العينين، واتذكر فى انتفاضة الأقصى عام 2000، أن صحيفة الجارديان البريطانية نشرت صورة لفلسطينى بعد أن قتل جنديا إسرائيليا فى رام الله وتحتها عنوان صادم «أيادى ملوثة بالدم» وتناست الصحيفة مقتل نحو 200 فلسطينى قبل الانتقام من الجندى الإسرائيلى.