تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
قمة الدوحة والموقف العربي المنتظر
ذهب الرئيس دونالد ترامب إلى أن قصف الدوحة "لا يخدم أهداف إسرائيل أو أمريكا"، ورغم ذلك عندما تم استئذانه لم يمنع العملية، وكتب بعدها: "مع ذلك، فإن القضاء على حماس، التي أصبحت ثرية من معاناة سكان غزة، هو هدف جدير بالاهتمام".
كان الهجوم في الدوحة انتهاكًا لسيادة قطر، لكنه يحمل فرص الاستفاقة من الغيبوبة في العالم العربي.
لقد مضى زمن كانت الأمور تحسب بموازين مختلفة، ففي 25 سبتمبر 1997 جرت محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في عمان، وطلب بنيامين نتنياهو الذي كان رئيسًا للحكومة الإسرائيلية لأول مرة، من أجهزته اغتيالًا صامتًا من دون ترك أي أثر.
كانت الأجهزة قد اقترحت من خيارات ذلك الزمان سيارة مفخخة، أو قناصًا في زاوية أو فوق سطح، أو عملية طعن.
أما الآن فإن نتنياهو في نسخته الأخيرة، يفضل الصوت والصورة والتحدي، والتبجح، أو ما تحدث عنه الجميع من غطرسة القوة.
والمثير أن العمليتين حققتا فشلًا ذريعًا؛ في الأولى اقترب أحدهم من مشعل في أحد الطرقات ووضع سمًا زعافًا في أذنه وحول رقبته، نُقل قائد حماس إلى مستشفى في عمان، والقاتلان المكلفان بقتله إلى الاحتجاز.
وكانت كلمة واحدة من الملك حسين لنتنياهو: "من اخترع السم يملك الترياق"، فحضرت طائرة إسرائيلية على متنها الترياق، وقدمته، وعادت بالعميلين.
بعد سنوات اعترف رئيس قسم الاستخبارات في الوحدة التنفيذية للموساد ميشكا بن ديفيد، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية (في أبريل من العام الماضي) أنه كان هناك ومعه الترياق تحسبًا لإصابة أحد العملاء في المهمة، و"لكن مشعل كان هو المستفيد منه في النهاية".
أما عملية الغدر الإسرائيلي الأخيرة فلم تنظر في احتياطات أو مواءمات سياسية، لأن الحكومة هناك أمَّنت العقاب وضمنت سكوت وتأييد ودعم شرطي العالم السيد ترامب، وجرت الضربة في وضح النهار، ولم يعتذر نتنياهو لدولة قطر التي تستقبل مسئولي الموساد والشاباك على مدار الساعة، ومسئولي حماس، والولايات المتحدة، من أجل اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق الرهائن في غزة، ولم يعتذر نتنياهو، وإنما هدد قطر بتكرار العملية، واستخدم صيغة "أقول لقطر"... هو ووزير دفاعه كاتس.
والنص هو: "أقول لقطر وكل الدول التي تؤوي إرهابيين: إما أن تطردوهم أو تقدموهم للعدالة.. لأنه إذا لم تفعلوا ذلك سنفعله نحن".
ولم يُعرف عن إسرائيل أنها طلبت من قطر قبل ذلك طرد حماس، إنما كانت تستفيد من وجودهم في الدوحة وانخراطهم في عملية تفاوض، أحسبها "وهمية" تُصدر للعالم أن إسرائيل تسعى لاتفاق لن تنجزه أبدًا، بينما تمارس حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني، وتدفع الشعب الأعزل إلى خيارين، إما الموت أو التهجير.
لدينا فرص ليس من بينها الخوف؛ لأن الدول العربية ينبغي أن تجتمع على تحقيق خطوة عملية للرد، عبر وضع آليات التعاون الاقتصادي المشترك موضع التنفيذ، لأن شعوبًا تعاني لا يمكن أن تصمد طويلًا، وإعادة الاعتبار للأمن الجماعي العربي، بشكل من الأشكال المتفق عليها، كالاتحاد الأوروبي أو حلف الناتو.
كما أن بوسع العالم العربي والإسلامي التهديد الجدي بإلغاء السلام الإبراهيمي، الذي لم تراعَ فيه إسرائيل، حقيقة أن قطر جزء لا يتجزأ من منظومة الخليج العربي (مجلس التعاون) وبه دولتان: الإمارات والبحرين، في القلب من الإبراهيمية الغامضة.
وهناك فرصة تضامن عربي نادرة، بعد أن انكشفت كل الأكاذيب والأوهام، حول الاستعانة بالغرب وبالأمريكان تحديدًا، والانخراط كل بضعة أيام في حروب طاحنة بين أفراد من مواطني دولتين عربيتين، بسبب عبارات تافهة من هنا أو هناك.
وربما عشرة أشهر طويلة مرت من زمن حكم ترامب تكون كافية لقراءة الحقائق، فالاعتماد على "الحامي" الأمريكي لدول المنطقة، يشبه تمامًا الاعتماد سابقًا على "الراعي" الأمريكي لعملية السلام.
تلك الرعاية التي استبعدت المجتمع الدولي من المشاركة في عملية السلام، لأن الراعي الأمريكي طرح فكرة حل الدولتين، وهو ما لم يتحقق أبدًا، وأخيرًا انتقدت واشنطن الدول التي تسعى لتحقيق فكرتها الأساسية، كما لم تقبل أبدًا بدولة فلسطينية.
إن الموقف من الهجوم على الدوحة لا ينفصل عن مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة أولًا، فالعجز الدولي عن إيقاف إسرائيل مستمر، وقادتها، ولديهم الفرصة، يرون أن تحقيق ما تصبو إليه إسرائيل بات بالإمكان، تهجير الشعب الفلسطيني، وتقليص أراضي الضفة، وإسرائيل الكبرى.
إن رفض التهجير وعدم السماح به يجب أن يبقى المهمة الأسمى، لأن تنفيذه والتخطيط الإسرائيلي له "بحرًا وجوًا"، سيدمر القضية الفلسطينية.
لذلك فإن مصر تقف بقوة ضد المخطط وتفضحه وتكشفه للعالم.
ويُحسن العرب لأنفسهم لو شكلوا "خلية عمل" تقف للمخطط بالمرصاد، وتتصل بعواصم تحاول إسرائيل أن توهمنا بأنها حصلت على موافقتها لاستقبال فلسطينيين، وتمنعهم بكل الوسائل من الاستجابة؛ فإسرائيل إذا ما وجدت دولة تقبل فإن المال والمزايا ستكون حاضرة، ولا أظن أن العرب تنقصهم الأموال والعروض المضادة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية