تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
اللغة العربية والحفاظ على الهوية الوطنية
فى الوقت الذى نجد فيه الدول الكبرى تكرس كل جهودها وطاقاتها لحماية لغتها الوطنية، وتفرض عقوبات قاسية على الاستهانة بها خاصة من جانب المسئولين، وفى المحافل الدولية وتعتبرها جزءاً من السيادة الوطنية، نجد فى المقابل أن لغتنا العربية مازالت تواجه التحديات الكبرى أمام موجات متتالية من التغريب والغزو الثقافى عبر الموجات الاستعمارية المتلاحقة بهدف نزع اللغة العربية من صدور أبنائها وإحلال اللغات الأجنبية محلها تمهيداً لمحو الوطنية ذاتها التى تعد اللغة العربية أول مظاهرها.
ومع موجات التغريب المتصاعدة لابد أن نعترف بأن اللغة العربية تتعرض لأخطر عملية طمس لهويتها على كل المستويات أفراداً وجماعات، فى المدارس والجامعات، فى الشوارع والمحلات التجارية، فى كل وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة على المستوى الرسمى والشعبى وفى المحافل الدولية.
يجب أن تكون لدينا شجاعة الاعتراف بأننا من أسوأ شعوب العالم إهانة للغتنا العربية بل ونتعهد أن نطعنها كل يوم مئات المرات بطعنات غادرة، ونصفها باللغة الجميلة ونحن نعريها ونكسوها بلسان عامى قبيح، نتعبد بها ثم نكرهها كراهية التحريم، ونسأل الله الحسنات بعدد الحروف منها وبقدر ما نقرأ من القرآن ثم نفضل عليها لكنة أخرى غريبة ونتفنن فى كل ما يهدمها ويبعدها عن شبابنا، نبنى بينها وبيننا أسواراً من الغربة ثم نشكو صعوبتها وثقلها على أبنائنا فى المناهج الدراسية، نهرب منها فى التعليم فنتخفف منها ونتحلل من قواعدها ونكتفى بالقشور..
والعجيب أن بعض الناطقين بها يهربون من استخدامها فى المؤتمرات العالمية، لا يتحدثون بها خوفاً من التندر عليهم بعد اكتشاف سوءاتهم وعورات ألسنتهم وعدم قدرتهم على النطق الصحيح، أصبحنا لا نحترمها فى برامجنا الإعلامية.. فالعامية هى الأسهل والأقرب، أما الفصحى فهى للتندر والاستهزاء.
ومما يؤسف له أننا نجد بعض العلماء والمفتين فى البرامج الفضائية يستخدمون ألفاظاً أجنبية فى حديثهم وردهم على فتاوى المشاهدين والمستمعين استظرافاً وتفكهاً، حتى أن هذه «الفزلكة» أوردتنا المهالك وضربت اللغة العربية فى مقتل وأصبحنا نعلم أولادنا لغة منزوعة الدسم ونزرع فى عقولهم قواعد لغوية فاسدة.
وأخطر ما فى القضية هو ما يحاول البعض ترسيخه فى الأذهان بأن تعلم اللغة الأجنبية هو ضمان المستقبل فى العمل، وأن العربية أصبحت ثقيلة، ولم تعد لغة العصر، وبالتالى أصبحت اللغة الأجنبية هى عنصر التقييم الأقوى والمرغوب والضامن للعمل، وتراجعت اللغة العربية قراءة وكتابة ومحادثة جيدة وفى المقدمة منها الإذاعة والتليفزيون، فليس المهم تحدث العربية ولكن الأهم إجادة وتحدث اللغات الأجنبية فقط.
إن نظرتنا الدونية للغتنا هى التى سمح لها بالتحلل والمراوغة، فتطور الأمر إلى أن أصبح الفرد منا ينطق كلمة عربية وأخرى إنجليزية وفرنسية.
الغريب والعجيب أنه فى الوقت الذى يتفاخر فيه أبناء لغة الضاد بإجادتهم الأجنبية بطلاقة ويستحيون من الحديث باللغة العربية لأنها رمز للرجعية، وقد نتج عن هذه النظرة الدونية عجز الكثير من أبناء لغتنا الحديث بها بشكل صحيح لدقائق معدودات.. نجد أيضاً أجانب من كل قارات العالم يعشقون الثقافة العربية عامة والفصحى على وجه الخصوص.
وأمام هذه الموجات التغريبية التى تسعى لهدم ومحاربة اللغة العربية فى عقر دارها والمطالبة باستبدالها باللغات الأجنبية أحيى وبشدة وأثمن ما قام به المستشار حنفى الجبالى رئيس مجلس النواب بمناشدة كافة النواب الالتزام بالحديث باللغة العربية وعدم استخدام أية مصطلحات أجنبية أثناء حديثهم تحت القبة حفاظاً واعتزازاً بلغتنا العربية، وأنها من صميم الوطنية والانتماء والحرص على حماية الهوية.. وكذلك ما قامت به النخبة الدينية فى البرلمان من تقديم مقترح مشروع للحفاظ على لغتنا العربية سواء داخل البرلمان أو فى المجتمع بصفة عامة ومواجهة دعوات التخلى عن اللغة العربية فهذه دعوات خطيرة على المجتمع وعلى الأجيال القادمة.
< < <
وختاماً:
قال تعالي: «كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون».
صدق الله العظيم
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية