تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > محمد الأبنودى > الدولة المصرية.. والقيم الأخلاقية

الدولة المصرية.. والقيم الأخلاقية

تمثل القيم الأخلاقية ركيزة أساسية فى بناء المجتمعات وتقدمها، فهى تشكل الإطار الذى يضبط السلوك الإنسانى ويوجه العلاقات الاجتماعية فى مختلف مجالات الحياة. وفى ظل التحولات المتسارعة التى يشهدها العالم، أصبحت القضايا الأخلاقية أكثر تعقيداً وتداخلاً مع مختلف أوجه الحياة السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية.. ومن هنا، يبرز دور الدولة المصرية كفاعل رئيسى فى صياغة وفرض المعايير الأخلاقية وتنميتها داخل المجتمع. وقد أولت الدولة  فى السنوات الأخيرة اهتماماً متزايداً لمعالجة القضايا الأخلاقية، إدراكاً منها لأهمية ترسيخ القيم فى وجدان المواطن المصرى، وضمان استقرار المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة.
تتحمل مسئولية كبيرة فى حماية المجتمع من الانحرافات السلوكية، وتعزيز القيم الإيجابية التى تحافظ على التماسك الاجتماعى.. فالدولة ليست مجرد جهاز إدارى أو سياسى، بل هى كيان معنوى يحمل رسالة تربوية وثقافية بامتياز. وفى هذا السياق.. فإن الإرث الحضارى والثقافى المتجذر فى وجدان الشعب المصرى يجعل من المسألة الأخلاقية قضية وطنية بامتياز، لا يمكن فصلها عن المشروع القومى للدولة الحديثة.
المتتبع لجهودالدولة المصرية فى هذا الإطار يجد تبنيها للعديد من المبادرات والبرامج التى تهدف إلى تعزيز القيم الأخلاقية داخل المجتمع، شملت مختلف القطاعات.
ففى المنظومة التعليمية، تسعى الدولة المصرية إلى إصلاحها بشكل يعيد الاعتبار إلى التربية الأخلاقية كمكون أساسى فى بناء شخصية الطالب.. وقد تم تعديل مناهج التعليم فى المراحل المختلفة لإدراج موضوعات تتعلق بالمواطنة، واحترام الآخر، والشفافية، ونبذ العنف والتعصب، كما تم تدريب المعلمين على دمج القيم فى العملية التعليمية، بحيث لا تقتصر التربية على الجانب المعرفى فقط.
تلعب المؤسسة الدينية، وعلى رأسها الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف والطرق الصوفية ونقابة الاشراف، دوراً كبيراً فى نشر الوعى الأخلاقى من خلال خطب الجمعة و البرامج الدعوية، والمنصات الرقمية.. وقد دعت الدولة هذه المؤسسة  إلى تجديد الخطاب الدينى بما يتواكب مع تطورات العصر، ويخاطب الشباب بلغة عقلانية وإنسانية، تسهم فى تعزيز ثقافة التسامح واحترام التعددية.
تواجه الدولة المصرية تحديات أخلاقية متشابكة، تتطلب تكاتفاً مجتمعياً شاملاً، من أبرزها:
> التحولات التكنولوجية والإعلام الرقمى، إذ أصبحت مواقع التواصل الاجتماعى مصدراً لنشر بعض السلوكيات السلبية مثل العنف اللفظى، الشائعات، والمحتوى غير اللائق.. وقد عملت الدولة على وضع أطر قانونية وتنظيمية لضبط هذا الفضاء، مع التوعية بالاستخدام الآمن والمسئول للإنترنت.
> ثقافة الاستهلاك والانفصال عن القيم التقليدية، ففى ظل العولمة والانفتاح الثقافى، حيث يعانى المجتمع محاولات طمس الهوية الوطنية، وهنا تسعى الدولة لإعادة الاعتبار إلى القيم الأصيلة من خلال مبادرات مثل الهوية المصرية، والعودة للجذور.
إن الدور الذى تلعبه الدولة المصرية فى معالجة القضايا الأخلاقية يجب أن يتحول إلى مشروع وطنى شامل، يقوم على التكامل بين مؤسسات الدولة، الأسرة، التعليم، الإعلام، والمؤسسات الدينية.. فالقيم لا تزرع بالقوة بل تُبنى بالتراكم والإقناع والقدوة.. ويجب أن يكون المسئول السياسى والموظف العام والمواطن العادى شريكاً فى هذا المشروع من خلال التزامه العملى بالقيم التى ينادى بها، حيث تمثل القيم الاخلاقية جوهر التنمية ولا يمكن أبداً لمجتمع أن يحقق التقدم المنشود دون ترسيخ منظومة قيمية عادلة وإنسانية..

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية