تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > محمد الأبنودى > الدروس والعبر من ميلاد خير البشر

الدروس والعبر من ميلاد خير البشر

لكل أمة فى تاريخها أيام تعتز بها ومناسبات تحتفل بذكراها، وتعد هذه المناسبات بمثابة محطات تستريح عندها الأمة مستنشقة نسمات هذه الذكريات ومتزودة منها بزاد يجعلها أقوى على مواصلة السير فى طريق الحياة، وتاريخنا الإسلامى حافل بالكثير من الأيام والشهور والذكريات الغالية وعلى رأسها ذكرى مولد النبى محمد صلى الله عليه وسلم

هذا اليوم هو من الأيام الخالدة الذى تشرفت فيه الدنيا بخير البشر مولد رسول البشرية وخير الأنام «صلى الله عليه وسلم»، ففى هذا اليوم أهدى الله إلى الإنسانية من سيجدد لها إنسانيتها ويغير عثرتها ويقود مسيرتها نحو الحق والخير والسلام وهذه الذكرى ليست مناسبة عادية ولكنها تدل على بزوغ نور الحق الذى أشرق على البشرية كلها مغيرا تاريخها وناشرا ألوية الحق والعدل والسلام فى كل مكان.

وقد كان العالم قبل ميلاد سيدنا محمد «صلى الله عليه وسلم» يغط فى قصور عقلى يقتل التفكير السليم، وقصور جسدى يقتل التصرف الحكيم، فلم يكن للأسرة نظام ولا للقبيلة قانون ولا للأمة دستور ولا للعقيدة شريعة وإنما الحياة كلها طغيان عاصف يتحكم فى الفرد ويسيطر على الجماعة، فلما بعث الله سبحانه وتعالى محمد رحمة للعالمين بعث الحرية من مرقدها، وأطلق العقول من أسرها، وجعل التنافس فى الخير والتعاون على البر والتفاضل فى التقوى ثم وصل القلوب بالمؤاخاة والمحبة وأقام العدل والمساواة فى الحقوق والواجبات حتي شعر الضعيف أن جند الله قوته، وأدرك الفقير أن بيت المال ثروته، وأيقن الوحيد أن المؤمنين جميعا أخوته، ثم محا الفروق بين أجناس الناس، فأصبحت الأرض وطنا واحدا والعالم أسرة متحدة، لا يهيمن على علاقاتها إلا الحب ولا يقوم على شئونها سوى الإنصاف والعدل وليس بين العبد وربه وساطة.

أما الحديث عن أخلاق سيدنا رسول الله «صلى الله عليه وسلم» فنحن أمام عظيم من عظماء الإنسانية، يحار العقل فى وصف أخلاقه وسجاياه، كيف لا وربه الذى خلقه وفطره ذكاه بأعلى مراتب ألفاظ التذكية ووصفه بوصف لا تحيط به مدارك أفكار وأذواق البشرية، بوصف يتضاءل أمامه بيان البلغاء وتكبو عنده فصاحة الفصحاء، وصفه بوصف تحار فيه الألباب من تراكيب مبناه، وتهيم العقول تائهة فى وادى بيانه ومعناه، فقال فى حقه وهو أصدق القائلين «وإنك لعلى خلق عظيم».

فما عرفت الإنسانية رجلا كمحمد «صلى الله عليه وسلم» فقد وصل وما قطع ،وأعطى وما حرم ،وعفا وما ظلم، وجاهد فى سبيل ربه حتى آتاه اليقين ونزل به الحق المبين، فقد تربى فى مكة وما أساء فيها لأحد قط لا فى صباه ولا فى شبابه ولا فى شيخوخته، فأنعم به من رجل وأكرم به من نبى، فهو الصادق الأمين صلوات الله وسلامه عليه.

ومصر طوال تاريخها الطويل اعتادت أن تقيم الاحتفالات الدينية، إحياء لتاريخ المسلمين الحضارى وتوحيدا لصفوفهم على طريق الخير والسلام.. لذا فإن مصر وقيادتها الرشيدة تحرص على أن تضفى على هذه الاحتفالات طابعا مميزا يحقق الأهداف المرجوة من إحياء هذه الاحتفالات حيث يكرم رئيس الجمهورية كل عام العلماء الرواد الذين أبلوا بلاء حسنا على طريق النهوض بالدعوة وهى سنة حسنة استنتها مصر على مدار الأعوام الماضية، وهذا التكريم الذى تشهده مصر اليوم بإذن الله فى احتفالنا بالمولد النبوى الشريف بحضور السيد رئيس الجمهورية هو أبلغ دليل ورد على المزايدين والمتنطعين الذين يهاجمون فيها الدعاة والعلماء ويتهمونهم بالانغلاق تارة وبالتطرف تارة أخرى ناسين أو متناسين أن الأزهر هو من حمى مصر فى الوقوع فى براثن الإرهاب والفوضى.

ان احتفال مصر بهذا اليوم العظيم وهو ذكرى ميلاد سيد البشر «صلى الله عليه وسلم» ليعبر بصدق عن معانى الوفاء ويرسم لنا معالم القدوة ويجسد أروع المثل لأجيالنا الصاعدة ويذكرنا بأرفع القيم وأسمى المعانى التى أرسى دعائمها صاحب الذكرى «صلى الله عليه وسلم».

                                         *******

وختاما:

قال تعالي "لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤؤف رحيم "

                                                       صدق الله العظيم 

الاية 128 سورة التوبة

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية