تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
احتفالات عيد الميلاد… فرحة وطن
تأتي احتفالات عيد الميلاد المجيد كل عام، حاملة معها مشاعر خاصة لا تقتصر على أبناء الكنيسة القبطية وحدهم، بل تمتد لتشمل الوطن كله، في صورة صادقة للتلاحم الإنساني والوطني الذي يميز المجتمع المصري. فالعيد ليس مجرد مناسبة دينية، بل هو رسالة محبة وسلام، وفرصة متجددة لتأكيد قيم التعايش، والاحترام المتبادل، والمشاركة الوجدانية بين أبناء الوطن الواحد، مهما اختلفت العقائد وتنوعت الانتماءات.
وفي مصر، يكتسب عيد الميلاد طابعًا فريدًا؛ إذ تتحول الكنائس إلى بؤر نور وبهجة، وتزدحم بالصلوات والترانيم التي تبعث الطمأنينة في القلوب، بينما تشارك الشوارع والبيوت في مظاهر الفرح، من زينات بسيطة، وتهانٍ متبادلة، وزيارات تحمل في طياتها معاني المودة الصادقة. ولا يمكن لأي متابع أن يغفل تلك الصورة الحضارية التي تعكس عمق العلاقات بين المسلمين والمسيحيين، حيث يتبادل الجميع التهاني دون تكلف أو تصنع، في مشهد بات علامة مميزة للهوية المصرية.
إن تهنئة الأخوة الأقباط بعيد الميلاد ليست واجبًا اجتماعيًا فحسب، بل هي تعبير إنساني وأخلاقي عن الاحترام والتقدير، وتجسيد عملي لمعنى الشراكة الوطنية. فالأعياد، في جوهرها، مناسبات للتقارب، تذيب الفواصل النفسية، وتؤكد أن ما يجمعنا أكبر بكثير مما قد يفرقنا. ومن هنا، فإن مشاركة الفرحة، بكلمة طيبة أو زيارة ودودة، تسهم في تعزيز الثقة وترسيخ قيم العيش المشترك.
ولعل أجمل ما في احتفالات عيد الميلاد في مصر، هو هذا الحضور الرسمي والشعبي المتناغم؛ حيث تحرص الدولة بمؤسساتها المختلفة على تقديم التهنئة، تأكيدًا على مبدأ المواطنة الكاملة، واحترام التنوع الديني. كما يشارك المواطنون، بعفويتهم المعهودة، في الاحتفال، فيزورون أصدقاءهم وجيرانهم، ويتبادلون الحلوى والابتسامات، وكأن العيد للجميع، وهو بالفعل كذلك في معناه الإنساني الواسع.
ولا تخلو هذه المناسبة من لحظات عائلية خاصة، يكون لها وقع أعمق في النفس. فالعيد فرصة لتجديد صلة الرحم، ولمّ الشمل، واستحضار معاني القربى والمحبة. ومن هذا المنطلق، أتقدم بخالص التهنئة القلبية إلى الأخوة الأقباط جميعًا، راجيًا لهم عيدًا سعيدًا، مليئًا بالسلام والفرح، وأن يعيده الله عليهم وعلى مصرنا الغالية بالخير والأمن والاستقرار.
إن تبادل التهاني في مثل هذه المناسبات لا يغير فقط من شكل العلاقة بين الأفراد، بل يعمق معناها، ويجعلها أكثر إنسانية ودفئًا. فالكلمة الطيبة، كما يقال، صدقة، وهي في الأعياد تحمل أثرًا مضاعفًا، لأنها تأتي في وقت تتفتح فيه القلوب على المحبة، وتتوق النفوس إلى السلام.
وفي زمن تتكاثر فيه التحديات، وتتعالى فيه أحيانًا أصوات الفرقة والكراهية، تبقى احتفالات عيد الميلاد رسالة أمل، تؤكد أن المجتمع المصري قادر دائمًا على تجاوز أي محاولات للوقيعة، وأن وحدته الوطنية راسخة، تستمد قوتها من تاريخ طويل من التعايش المشترك. فالأعياد، حين تُعاش بروحها الحقيقية، تصبح جسورًا للتقارب، لا مجرد تواريخ في التقويم.
ختامًا، يظل عيد الميلاد المجيد مناسبة نستحضر فيها معاني السلام والمحبة والرحمة، ونجدد فيها العهد على أن تبقى مصر وطنًا يتسع للجميع، بأبنائها مسلمين ومسيحيين، متحابين ومتشاركين في الأفراح قبل الأحزان. كل عام والأخوة الأقباط بخير، وكل عام ومصرنا دائمًا عامرة بالمحبة والوحدة والطمأنينة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية