تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
خصوصية العلاقة بين مصر والسعودية
تحدث كثيرون عن متانة العلاقات بين مصر والسعودية خلال الفترة الماضية، وهى تقديرات صحيحة فى كثير من القضايا الإقليمية، التى تعد حاكمة للرؤية النهائية الإيجابية لكل بلد نحو الآخر تاريخيا، وتمس جوهر العلاقات الثنائية، حيث تندرج ضمن إطار استراتيجى قوى فى مرحلة تمر فيها المنطقة بمخاطر جسيمة، تتطلب تنسيقا عاليا وتفاهما كبيرا بين القاهرة والرياض.
لا يصلح النظر إلى العلاقات بين مصر والسعودية بالقطعة. فما يربط البلدين أكبر وأعمق بكثير. ولعل الموقف من القضية الفلسطينية يمثل دليلا عادلا واضحا، ثم إدانة العدوان الإسرائيلى على إيران، كل ذلك يفرض توسيع مساحة التعاون بين مصر والسعودية وتطويرها، لأن نتائج الحرب الحالية سوف تؤدى إلى انفجار كبير فى المنطقة.
انفجار قد يصعب احتواء آثاره، وربما لا يكون أى من البلدين بعيدا عن تداعياته، ما يضاعف من وتيرة التنسيق على مستويات متعددة، ووضع رؤية يتبناها الطرفان فى مواجهة طوفان يوشك أن يجرف منطقة الشرق الأوسط برمتها، ويقودها إلى هاوية لن تنجو منها دولة، بما فيها إسرائيل وإيران، والقوى المؤيدة أو الداعمة لكل منهما أو تلك التى تصطف خلفهما، فخطورة الموقف تتطلب حكمة ورشادة القاهرة والرياض، ومن يسير على دربهما فى معالجة الأزمات بطريقة مناسبة، وتسويتها بشكل يوفر الأمن والاستقرار لجميع الدول.
عندما تتحدث مصر عن أن أمن الخليج العربى من أمن مصر القومى لم تكن الرؤية مطروحة جزافا أو فى لحظة انفعال عاطفي. فالتطورات التى تمر بها المنطقة تؤكد بعد نظر هذا المحدد الذى شكك فيه البعض، وقصروه على أحداث صغيرة، لها حسابات وقتية طارئة، بينما المعنى الكبير هو المخاطر الاستراتيجية الحقيقية، وما تشهده المنطقة من سخونة عالية وتهديدات وجودية تفرض على مصر والسعودية تعزيز خصوصية العلاقات بينهما.
تبتعد الخصوصية عن أى مواقف صغيرة، ومن حكمة القيادتين فى القاهرة والرياض أنها لا تلتفت إلى الأمور الصغيرة، فما يهم كل منهما أكبر وأعمق وأهم، الأمر الذى تتكشف ملامح عديدة منه عندما تندلع أزمة إقليمية كبري.
خصوصية العلاقات بين البلدين، تتطلب مراعاة كل ما رسخ فى الوجدان العام منذ سنوات طويلة بأن كل بلد بحاجة إلى الآخر ويكمله، خاصة فى اللحظات الحرجة، ولدى كل منهما مزايا تمثل عنصرا داعما للطرف الثاني، إذا تم استغلالها سوف يكون هذا الثنائى رمانة ميزان مهم وراسخ فى المنطقة.
فى هذا السياق توجد نقطة حيوية أخري، تتعلق بالمحكات التى تدخلها مصر أو السعودية، وتكون دائما معبرة عن علاقات أزلية يجب التعامل معها بكل ما تنطوى عليه من أهمية استراتيجية، وفى الجوانب التكتيكية لا يميل أى طرف إلى تحقيق أهدافه على حساب الآخر، وثمة شواهد عدة على ذلك جرت وقائعها الفترة الماضية. فالبلدان يملكان من المصير المشترك ما يفرض تعزيز العلاقات بينهما دوما.
هذه النقطة يمكن التمعن فى تفاصيلها عبر تفاعلات إقليمية ودولية مختلفة، كزاوية تثبت الخصوصية فى العلاقات بين مصر والسعودية، وتظهر الحاجة الملحة للاستفادة منها. وتأخذ فى اعتبارها دائما المكون العميق الذى قد لا يراه أو يعرفه الذين لا يمثل دورهم شيئا مؤثرا فى العقل الجمعى لكل من مصر والسعودية، حيث يدرك قادتهما الجدوى الكبيرة للتعاون الآن.
يعد هذا المحدد غاية فى الأهمية، ويدفع نحو تنسيق ضرورى وعاجل واستراتيجي، ما يفضى إلى تقليل أى خسائر متوقعة وتعظيم كل مكاسب منتظرة فى أجندتهما. ويختفى أى تباين ولو طفيفاً فى قضايا فرعية، يتصور خصوم البلدين قدرتهما على تغذيته سلبا. وهو ما لم يحدث لدى مصر والسعودية، وينجذب تلقائيا كل طرف نحو الآخر فى الملفات والمخاطر المشتركة.
بكل ما تحمله الأوضاع الراهنة من تحديات ثقيلة، يمكن للقاهرة والرياض أن تصبحا رافعتين أساسيتين لنظام عربى تعرض لتآكل كبير فى السنوات الماضية، وعصفت به تطورات تحتاج إلى قدر وافر من التعاون بين أكبر دولتين عربيتين فى المنطقة، قبل أن يتبلور نظام إقليمى أو جسم غريب، تريده الولايات المتحدة على مقاس إسرائيل، وتنعكس أضراره فى المستقبل على غالبية الدول العربية.
تملك مصر والسعودية رؤية جادة وعملية وخبرات متراكمة تساعدهما على وضع قواعد رئيسية لهذا النظام الجديد، بما يقود فى النهاية إلى أمن واستقرار المنطقة، ويوقف زحف صراعات ونزاعات وحروب، ألحقت أذى استراتيجيا بدول كثيرة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية