تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > محسن عليوة > السياسة والأخلاق.. هل يجتمعان؟

السياسة والأخلاق.. هل يجتمعان؟

فى زمن تتسارع فيه الأحداث وتتغير فيه الثوابت وتختل فيه المعايير وتضيع فيه القيم وتندثر فيه الأخلاق، وتتبدل فيه الأشياء ويُصبح الناس بين حائر مستنكر وغير مصدق لما يجرى من أحداث وبين مستفيد مما يجرى ولا يهمه الا مصلحة قريبة أو نفوذ سريع أو لقطة أو تريند،

ويأتى من يقول إنه لا أخلاق فى السياسة وهذه مقولة قديمة حديثة متجددة حيث تُعتبر واحدة من الإشكاليات التى دائماً ما يبحث المفكرون عن إجابات شافية لها فالعلاقة بين الأخلاق والسياسة، أو بشكل أوضح بين الأخلاق والعمل السياسى علاقة جدلية بشكل دائم و مستمر،

وهناك آراء تُصر على وجوبية الفصل بين السلوكيات الأخلاقية والسياسية، وأن يتم التعامل بالفصل بينهما، علماً بأنَّ المنظومة القيمية والأخلاقية أوسع وأشمل من المنظومة السياسية.

وتُعتبر السياسة جزءا من المنظومة الأخلاقية، فالسياسي المتخلق بالقيم والأخلاق ليس من السهل أن يكون منحرفاً في سلوكه السياسي، كما أنه ليس من السهل أيضاً أن نجد سياسياً لا يتخلق بالأخلاق والقيم أن يسلك نهجاً سياسياً معتدلاً أو مستقيماً، ومن المؤكد اعتبار أنَّ العمل فى المنظومة السياسية جزء من منظومة الأخلاق والقيم سواء على مستوى الفرد أوالمجتمع.

إن الساسة الذين يؤمنون بالعمل من أجل مجتمعاتهم ويسعون بكل جهودهم نحو بنائها وتطويرها، هم أولئك المتمسكون بالقيم والأخلاق المجتمعية، أولئك هم الذين لا يهمهم عضوية المجالس بقدر ما يهمهم من يمثل الناس فى تلك المجالس لأنهم يؤمنون بقيمة الوطن ويسعون لبنائه وتطويره سواء كانوا ممثلين للشعب أم لا.

وبالنظر الى المفهوم العام للسياسة فإن الكلمة جاءت بصيغة الفعل ”يسوس“ وهو معالجة الأمور، بمجموعة من الإجراءات والأساليب والطرق التى تساعد على اتخاذ قرارات من شأنها تنظيم المجتمعات فى مختلف جوانب حياتها، وذلك بخلق حالة من توافق كافّة التوجّهات الإنسانية سواء كانت إجتماعية أو اقتصادية وتتباين فى بعض الأمور نظراً لاختلاف الأنظمة السياسية من دولة لأخرى، وذلك كله يأتى من الأخلاق والقيم التى تعمل على توجيه السلوك البشرى في المجتمعات الإنسانية نحو الخير والتنمية والبناء وحماية الإنسان وحقوقه.

والسياسة والأخلاق، هدفهما تيسير حياة الناس والدعوة لإقامة حياة مجتمعية تسودها المبادئ والإنسانية، والبعض من الساسة يُغلبون النظرة الميكافيلية الضيقة التى تتبنى فكرة ”أن الغاية تُبرر الوسيلة “ وهذا مبدئ يخالف أدبيات المجتمعات السوية التى لا تُغلب السياسة على الأخلاق ، لأن ذلك يعتبر هدماً للفضائل الأخلاقية ومبرراً لاستخدام ما يُناقض السلوك القويم فى الوصول للأهداف، وإيماننا المترسخ داخلنا أن الغايات الشريفة لا تبررها إلا الوسائل الشريفة.


إن المجتمعات يجب أن تتعامل وفقاً لمنظومة المبادئ والقيم الأخلاقية المستمدة من الشرائع السماوية لأن الغاية العظمى هى الحفاظ على الإنسان وتنمية البيئة التى يحيا بها ، وتحقيق الرخاء المجتمعى بالتعاون بين الأفراد والمؤسسات، لأن امتزاج الأخلاق والسياسة أمر غاية فى الضرورة مع توافر إرادة صادقة تكون مساحة مشتركة بينهما هدفها الأسمى والأساسى مصلحة الوطن والمواطن بما يُحقق غايات الوطن العُليا.

حفظ الله مصر

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية