تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > محسن عليوة > الحوار الوطني والقضاء على الشللية السياسية

الحوار الوطني والقضاء على الشللية السياسية

لقد كانت جلسات الحوارالوطنى بمثابة إستحضار واستدعاء لمكنون الثقافات والأفكار لدى العديد من أصحاب الفكر والرؤية فى الوطن على إختلاف توجهاتهم الفكرية و إنتمائتهم السياسية، فخلقت مساحات مشتركة أوضحت أننا قادرون على صنع مستقبل سياسى فكرى يستند الى الواقع المستمد من إختلاف الرؤى واتفاق الهدف .

ومن هنا ، ونحن على مسافة قريبة من أول الاستحقاقات بعد الحوار الوطنى الذى خلق حالة من الإنسجام والإرتياح والإتفاق غير المعلن ان يتم وضع معايير لتشكيل غرفتى البرلمان ( شيوخ ونواب ) هذا التشكيل يعبر عن ذلك الحراك الذى احدثته نقاشات الحوار الوطنى .

فهل ينتج عن هذه النقاشات والحوارات القضاء على المعوقات التى دائماً ما تحول بين الممارسة والمشاركة السياسية السليمة .

وتتمثل أخطر مظاهر هذه المعوقات فى الشللية التى أبتُليت بها الحياة السياسية والتى قد أضرت وأثرت سلباً فى المكون السياسى ، وكذا فى التنظيمات الحزبية و دائماً ما تأتى بنتائج كارثية على العمل والأنشطة السياسية لتلك التيارات وكوادرها وعلى العمل السياسى وتأثيراته فى الواقع الاجتماعى بشكل عام ، ذلك لأن الشللية تُقلص وتُحجم العمل الجماعى وتحكمها بعض الإنحيازات والعواطف والشخصنة و المزاج الخاص بكل شلة داخل تلك التنظيمات وأخطر ما فى تأثيرات الشللية هى تلك النظرة التى يخشاها المحترمون أن يتم حسابهم على أحدى تلك الشِلل التى دائماً ما تُصيب جسد تلك الكيانات بالشلل.

ولقد أثبت الواقع المرير فى دُنيا السياسة أنه لا بد من الشللية حيث أنها تُسهل تميز البعض على حساب البعض الآخر فتختفى أسماء ورموز كبيرة حفاظاً على كرامتهم وإحتراماً لتاريخهم ، وصعود أسماء غير معروفة ولا تستحق ، فأصبحت الشللية فى محيط العمل السياسى من القدرة بمكان فى أن تحجب من تُريد حجبه وأن تُفرض من لا يستحق وجوده .

لقد ابتعدت الشلة بمن فيها عن محيطهم الاجتماعى وعن البسطاء بل إنهم يتجمعون فى أنديتهم الخاصة وجلساتهم المغلقة كل يوم وكل ليلة ، ولأن هذه الظاهرة الخطيرة وجدت مستقراً لها بل وتنامت وأصبحت فرص الحلول أمامها عاجزة وظن أعضاء الشلة أنهم على صواب ولم يعترفوا أن ذلك مرضاً ، بل إنهم تميزوا فى القدرة على تصدير الإحباط لكل ذى فكرِ رشيد أو رأى سديد أو رؤيا موفقة وأستطاعوا أن يدفعوهم عن الإحجام عن المشاركة ، ومن هنا تأتى الخطورة وهى إنسحاب العناصر القادرة على ضبط الأداء التنظيمى جماهيرياً بمصداقيتهم والتصاقهم ببسطاء المجتمع وهم الأكثرية .

ولم يعد للالتزام بالعمل المؤسسى مكان فى ظل الإعتماد على الشلليات التى تأصلت داخل العديد من المنظمات وأصبحت بيئة العمل غير آمنة وغير محفزة وذلك للأثر النفسى المترتب على الصمت المنظم تجاه تلك السلوكيات المضرة ببيئة العمل ناهيك عن التحرك البطيئ بل المنعدم لمواجهة ظاهرة الشللية والهدر المعنوى والبشرى المترتب عليها .

لا بد أن تكون قيادات الكيانات على مسافة واحدة من مختلف الأعضاء داخل تلك الكيانات وأن يتخلصوا من العقلية الحزبية المغلقة على أصحابها والمقصود بالعقلية الحزبية هى طريقة التفكير المتحزب والمنغلق على الشلة من حرمان نفسها من الإفادة والإستفادة من الغير و مما لدى الغير من الأفكار والرؤى واعتمادها فقط على أفكار أعضائها الفقيرة جداً من الأساس ، فالانتماء للشلة له مواصفات لا تتوفر فى كثير من الشرفاء مثل التملق والنفاق والكذب وقلب الحقائق ، وتُعتبرالشللية مكون من أهم مكونات الفساد بأشكاله المتعددة .

وعند المحاولة لترتيب الأمراض التى تعانى منها الكيانات ستكون الإنتفاعيون والشللية على رأس قائمة الأمراض لأنها فى حقيقتها تُعتبر كيانات موازية ومناقضة لمحاولات الإصلاح حيث أنها آفة من آفات العمل وعامل من عوامل الفساد ومحرك أساسى لضياع العديد من الفرص على مستحقيها .

وعلى ذلك ومع توجه الدولة فى محاربة الفساد بأشكاله المختلفة واطلاق الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2023-2030 ولكى نُحقق إصلاحاً قوياً يُعالج تراكُمات الماضى ويعمل على بناء مستقبل مشرق فلا بد من القضاء على الشللية أينما وُجدت ،وانا على يقين أن الدولة بأجهزتها قادرة على ذلك ، لخلق توازن مجتمعى لا شك ان نتاجه سيكون مثمراً وسيخلق ظهيراً قوياً للدولة ومؤسساتها .

حفظ الله مصر

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية