تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

مصر .. أصل الشجرة

لأول مرة فى تاريخ الإنسان، أقتُرِح حل بدا معقولا لمشكلة الموت.

اخترع المصريون القدماء الحياة الثانية، وهى أن يعيش الإنسان حياته السعيدة بشكل أبدى فى الحياة الآخرة.

كان هذا الحل هو المقاربة الأكثر تفاؤلا لفجيعة الموت، طبقا لما يذكره سيمون نايوقتس فى كتابه «مصر أصل الشجرة .. مسح حديث لأرض قديمة»، ترجمة أحمد محمود.

وإذا كانت مصر هى فجر الضمير كما أعلن جيمس بريستد فإنه اعتبارا من عام 2100ق .م، بدأت محاولات ربط الأخلاق والدين ببعضهما، حين بدأت تراود المصريين فكرة التحذير من أنه ما لم يتصرف المرء التصرف اللائق فى هذه الحياة فلن تكون له حياة سعيدة فى الآخرة.

وبحلول عام 1550 ق. م: يقول سيمون: بلغت عبادة آمون التى كانت تعنى الوحدة والتنوع مستويات غير مسبوقة، ورغم ما فيها من لبس بين الوحدة والتنوع فقد كانت رغم ذلك تمثل اتجاها توحيديا وأدت بعد ذلك إلى اختراع التوحيد فى الفترة القصيرة التى عاشها أول توحيد شمسى فى منتصف القرن الرابع عشر ق.م.

ومع أن التوحيد الخاص بعبادة آتون لم يستمر إلا نحو 15 سنة، لكنه كان يمثل واحداً من أهم التغيرات التى أحدثها الإنسان، وفترة من الفترات الأساسية فى تاريخ البشر، كما كانت عبادة آتون التى نادى بها إخناتون أول عبادة بها توحيد، حتى لو لم تكن مكتملة النمو.

ديانة مصر كانت تقوم على العدل ماعت قبل أن تأخذ طريق الهبوط بعد الغزو الفارسى لمصر 525 ق.م. حيث بلغت عبادة الحيوانات أوجها وأسفرت عن شكل من أكثر أشكال العبادة تطرفاً.

دخلت مصر فى طور الانهيار الطويل بعد أن عاش المصريون يغنون وينشدون كلمات فلسفية تحمل نظرتهم للحياة مثل: الأبدان زائلة منذ الأزل، وتحل محلها أجيال جديدة، الشمس تشرق صباحاً، وتختفى فى الغروب، يتكاثر البشر والنساء يلدن، الرئتان تستنشقان الهواء بوفرة.

وتمضى أحاديث حكماء الزمن العابر، ماذا حل بديارهم؟ لقد تهدمت الجدران واختفت منازلهم وكأنهم لم يوجدوا قط، لا أحد يعود حيث ذهبوا ليخبرنا عن أحوالهم، افعل فى الدنيا ما يحلو لك حتى تدنو ساعتك الأخيرة، إله الموت لا يسمع النواح ولا يخلص العويل أحداً من العالم الآخر، اقض يومك فى مرح، أجل، لا يصطحب أحد معه ثروته، أجل، إن الذين يرحلون إلى هناك ما من أحد منهم استطاع أن يعود قط.

بهذا الفكر وتلك الثقافة، أصبح تاريخ مصر يمثل أطول تجربة إنسانية، ما جعلها جديرة بأن تكون إحدى ركائز النزعة الإنسانية الحديثة.

مصر تفرض نفسها حضاريا بسبب قدم تاريخها والقدرة على الاستمرار.

هى الأكثر عراقة فى العالم، وهى أيضا الأكثر اكتمالا، أغلب دول العالم يعرفون ذلك جيداً، فمتى ندرك أن بلدنا العظيم أصل شجرة الفكر والفلسفة والحضارة، وأنه بسحر إنسانيته بلغ هذه المكانة السامقة فى عقل العالم وضميره؟

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية