تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
مذكرات يهودى مصرى
ولد فى عهد الملك فؤاد وعاش عصر فاروق وثورة يوليو بداية من محمد نجيب مرورا بعبد الناصر والسادات ومبارك وثورة يناير، وصولا إلى الرئيس السيسي، إنه «ألبير آريه» اليهودى المصرى الذى يقول فى مذكراته: رأيت المجتمع المصرى حين كان كوزموبوليتانيا منفتحا على الغرب ولا وجود فيه للتعصب الديني.
ينتمى ألبير ـ المولود فى شارع الفلكى عام 1930 ـ إلى أسرة هاجرت من تركيا واستقرت فى مصر أوائل القرن العشرين، التحق بكلية الآداب، وأخذته الحرب العالمية الثانية بأحداثها الدامية إلى عالم السياسة، حيث انتمى إلى الحركة الشيوعية.
وعقب قيام ثورة يوليو، ألقى القبض على مجموعة من الشيوعيين عام 1953 منهم ألبير، وقضى فى السجن 11 عاما متنقلا بين سجن الواحات وسجن مصر، لكنه يشير إلى أن حياة اليهود لم يحدث لها أى تغيير بعد الثورة، وأن الشيخ الباقورى حين هاجم اليهود فى الإذاعة، قام محمد نجيب بعد ذلك بزيارة المعبد اليهودي، وأجبر الباقورى على الاعتذار.
يقول: على الرغم من أنه تعرض للسجن 11 عاما فإن أحدا لم يتطرق بأى شكل من الأشكال لكونى يهوديا، أو لم تكن يهوديتى مطروحة من الأصل للنقاش أو الاتهام.
عاش ألبير حياة طويلة، حيث توفى بعد أن تجاوز التسعين، عام 2021، وكان يمثل رمزا للتعايش بين الأديان، رافضا الهجرة إلى إسرائيل، حتى لو كلفه هذا الموقف دخوله السجن، لقد رفض الهجرة إلى أوروبا أو إسرائيل، مفضلا الانتماء إلى الحركة الوطنية المصرية، فهو لم يكن من عائلة متدينة، كما أنه لم يدخل المعبد اليهودى إلا عام 2010 بعد تجديده.
فقد أدرك بوعيه السياسي، أن إسرائيل هى أداة الاستعمار الأمريكي، وأن الكفاح الأساسى يجب أن يكون ضدها، بل وكان يرفض إقامة علاقات مع إسرائيل، يقول: كنت مؤيدا عدم إقامة علاقات مع إسرائيل، وأن موقفى لم يتغير قط تجاه معاداة الصهيونية وطبيعة إسرائيل العدوانية.
خلال مذكراته التى أصدرتها «الشروق»، يتحدث ألبير عن حريق القاهرة قائلا: فى 25 يناير أنذر الإنجليز البوليس المصرى فى أثناء معركة الإسماعيلية، وفى اليوم التالى مباشرة حدث حريق القاهرة، وفى أثناء الحريق كانت قيادات الجيش فى قصر عابدين للاحتفال بمولد الأمير أحمد فؤاد ابن الملك فاروق، وظل فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية، يتصل بحيدر باشا وزير الحربية، ويتصل بالبوليس السياسي، ولا يستجيب أحد.
ومن الوقائع الطريفة التى يحكيها، أن سوزان طه حسين كانت من زبائن والده، وكانت تطلب منه تطريز حروف اسمه T.H على قمصانه، وأن صلاح سالم وخالد محيى الدين، كانا من الزبائن أيضا، كما يتحدث عن تحية كاريوكا، التى ذهبت إلى مؤتمر للكتلة الشيوعية فى بوخارست، وأنها رقصت هناك، وكان يرافقها محمد عودة، وأنها تعرضت للسجن بعد ذلك، وهى وزوجها مصطفى صدقي.
كما يروي: أن السجانة حين عرفوا أن بيننا طبيبا ـ شريف حتاتة ـ كانوا يعاملوننا باحترام، فقد كان يكتب أدوية سواء للسجان أو لزوجته وأولاده.
وأن بعض المساجين كانوا يفضلون الصعود إلى الجبل وتكسير الأحجار لكى يستمتعوا بالشمس.
وحكى أنه على الرغم من الحصار الشديد فإنهم استطاعوا إدخال راديو فى قفص خضار إلى سجن الواحات، وكان أحد المسئولين عنه رفعت السعيد، وضعوه فى حفرة، وكانوا يستمعون إليه فى الليل فقط.
وعن طريق الراديو كسرنا كل القيود المفروضة علينا، وعرفنا الأخبار، مثل تأميم القناة فور حدوثه.
مذكرات ألبير آريه ترصد تفاصيل حياة مفعمة بالنضال وحب الوطن، دون النظر إلى الاختلافات الدينية والسياسية.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية