تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الرومانتيكية
كان الرومانتيكيون يقولون: بغير جرأة تبلغ حد التطرف لا يوجد جمال نملك الجرأة فى كسر القواعد الكلاسيكية والتطرف فى عالم الحلم والخيال.
كانت الكلاسيكية بعد خفوتها عادت بقوة للانقضاض على فن الروكوكو السائد, ثم تطرفت النزعة الرومانتيكية فى الانقضاض على الكلاسيكية، وجاءت نظريات فلاسفة القرن التاسع عشر لتساعد فى القضاء على الكلاسيكية لصالح الرومانتيكية.
والرومانتيكية هى البداية الحقيقية لما يسمى بالعصر الحديث، كما يذكر د. عز الدين إسماعيل فى كتابه «الفن والإنسان» لأنها كانت الحد الفاصل بين العالم الكلاسيكى القديم والعالم الحديث بأفكاره ومذاهبه.
قام مذهب الرومانتيكية على الحركة والتغيير، ليس هناك شيء ثابت، بل هناك التغيير الدائم، وهو ما ينطبق على الفن والأشياء أيضا، وليس هناك ذوق ثابت, وإنما الذوق متغير، الحياة فى أوروبا كانت تؤمن بالسكون إلى الماضى والتاريخ وإنكار التغيير، وجاءت الرومانتيكية لتبحث الحاضر والمستقبل من خلال الحركة والتغيير، فهى كانت حدا فاصلا بين التفكير السكونى والتفكير الحركى أو بين العصور القديمة والعصور الحديثة.
واقع الحياة لم يكن مرضيا للرومانتيكيين، لكنهم لا يعرفون ماذا يفعلون، حملهم الحلم مرة إلى الماضى ومرة إلى المستقبل، ضل الإنسان الرومانتيكى طريقه، وهو يبحث عن الخلاص فراح يحطم ويشوه حتى قال حينه الرومانتيكية تنطوى على مبدأ المرض.
أحس الرومانتيكى أنه لا ينتمى إلى المجتمع الذى يعيش فيه لا فكريا ولا روحيا ولا فنيا، وبالتالى، فقد الشعور بالطمأنينة التى كان يجدها فى رحاب الجماعة القديمة، وحل مكان ذلك الشعور بأنه فرد ضائع. أى الفرد فى مواجهة العالم، ففى المجتمع الرأسمالى الذى يعيش فيه الفرد يواجه المجتمع وحيدا دون وسيط غريبا بين غرباء، أنا مفرد فى مواجهة الأنا الهائلة.
أدى ذلك إلى تقوية الشعور بالذات، وتنمية الذاتية المزهوة لكنه أوجد كذلك شعورا بالحيرة والضياع.
الأنا المتأهبة لغزو العالم هى التى ترتجف خوفا من الشعور بالوحدة، أنا الكاتب أو الفنان المنطوية على ذاتها التى تكافح من أجل البقاء عن طريق بيع نفسها فى الأسواق، هى مع ذلك تتحدى الرأسمالية بعبقريتها وتحلم بالوحدة المفقودة.
إن أهم مضمون دفعت به الرومانتيكية إلى الحياة وصار منذ ذلك الوقت أساسا لكل ما طرأ على الإنسان من تطور اجتماعى وفكرى وفنى هو مضمون الحرية.
الحرية ليست امتيازا, ولكنها حق مكتسب للجميع، وفى مجال الفن حرية مطلقة للعبقرى.
الفن الحديث هو التعبير عن الإنسان الوحيد المنعزل عن الفرد الذى يشعر أنه مختلف عن أقرانه مختلف إلى الحد الذى يكون فيه الاختلاف نعمة أو نقمة.
أصبحت الرومانتيكية واحدة من أهم نقاط التحول فى تاريح العقل الأوروبى، ولم يحدث أن تحدث الناس بلهجة الازدراء للعقل كما تحدث الرومانتيكيون، وجعل المشاعر والعواطف بديلا له.. حتى صار من العادى أن يقال الفن تعبير عن المشاعر، تمت إزاحة العقلانية القديمة لصالح وجدانية رحبة.
وجدت الرومانتيكية نفسها فى مواجهة صريحة مع تناقضات الحياة وبدلا من أن تسعى لفهم هذه التناقضات لاذت بالهروب إلى داخل النفس إلى مكان بعينه هو اللامكان، وهى إذ خضعت الحياة للفن، جعلت من الفن بديلا للحياة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية