تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

إعادة اختراع الصحافة

مع كل مشكلة تواجهنا نبدو كأننا نعيد اختراع الأشياء من جديد رغم أن الحل قد يكون سهلا لا يحتاج إلى فلسفات شارحة أو تنظير للأزمة وتداعياتها من أولئك الذين يعيشون غالبا فى أبراج عاجية، ينطبق ذلك على أزمة الصحافة كما ينطبق على مشكلة المرور والبطالة والصحة الخ.

فبدلا من الذهاب إلى المتخصصين نجد أنفسنا نلف وندور مع من يطلقون على أنفسهم خبراء يتستر بعضهم وراء أسماء براقة لمراكز بحثية، تجد الواحد منهم يتكلم صباحا فى المرور ومساء فى الصحة ووقت فراغه يتحدث عن أزمة الصحافة .

وقد طال الحديث عن أزمة الصحافة أكثر مما يجب دون أفق ضوء بما لا يغرى بالكلام، لكن مجلة "سنابل" التى أرسلها لى الأستاذ صلاح الدين وحيد وكانت تصدر فى مدينة كفر الشيخ عام 1969آثارت شجونى ورأيت أنه أفضل رد على أزمة الصحافة التى نعيشها بالليل والنهار يتحدث فيها الطبيب المهندس، بينما الصحفيون خاصة ـ أسطوات المهنة ـ غائبون أو مغيبون!. وحتى انتخابات نقابة الصحفيين الساخنة بالتلاسن، والوعود، الجميع يمر على الأزمة خفيفا، والكثير منهم صحفهم مغلقة.. فأى بؤس هذا؟!.

مجلة «سنابل» تحوى مادة صحفية تتنوع بين الأدب والثقافة والفن.

لم تفقد المجلة طزاجتها رغم مرور كل هذه السنين على صدورها، وتلك قيمة العمل الجاد الحقيقي، يخاطب الحاضر وعينه على المستقبل دون إغفال الماضى العريق.

حفلت المجلة الإقليمية بأقلام بارزة لكتاب صاروا بعد ذلك نجوما فى الثقافة والسياسة مثل الراحل الكبير عبد الوهاب مطاوع ابن مدينة كفر الشيخ الذى كتب موضوعا بعنوان البحث عن منجم الذهب فى كفر الشيخ، والدكتور محمد سيد طنطاوى المفتى وشيخ الأزهر بعد ذلك كتب: رسائل بنى إسرائيل فى محاربة الدعوة الإسلامية» والدكتور صبرى حافظ كتب عن بدر شاكر السياب غريب على الخليج يغنى للمطر، فيما كتب عباس خضر عن مشكلة التأليف والنشر، والدكتور عبد الحميد ابراهيم عن محمود طاهر لاشين والصراع الطبقي، وقدم الدكتور عمر الفاروق عرضا لكتاب إلى الجحيم بالثقافة لهربرت ريد، أما محمود بقشيش فكتب عن الذبول وحواة الفن التشكيلي، وأخذنا محمد عبد الواحد إلى حضارتنا المصرية القديمة، ومحمد شفيق إلى المثال محمد هجرس والنحت التعبيري، وكتب علاء الدين وحيد تفسير جديد لدخول الإسرائيليين القدس، وعلى إسماعيل : عالم الطيران والفضاء.

و نشرت المجلة قصصا لأسامة أنور عكاشة، والدكتور عبد الغفار مكاوى وفاروق خورشيد، وقصائد لعفيفى مطر وحسن توفيق، ومحمد الشهاوي، وقصيدتين مترجمتين للشاعر لوركا.

هذه المجلة الإقليمية بإمكاناتها المحدودة وقيمتها الكبيرة تقول إننا لا نعيد اختراع الصحافة، هنا لا نتحدث عن تاريخ الصحافة المصرية وأساطينها محمد التابعي، مصطفى وعلى أمين وهيكل، ولا المؤسسات الكبيرة : الأهرام والأخبار ودار الهلال وروز اليوسف الخ. وانما نتحدث عن مجلة إقليمية محدودة الإمكانيات تكشفنا جميعا أمام أتفسنا وأمام القارئ أيضا.

الأمر لا يحتاج إلى مؤسسات ضخمة وأموال كبيرة فقط ولكن يحتاج قبل ذلك وبعده إلى أسطوات وصحفيين حقيقيين يؤمنون بالصحافة ودورها فى نشر الثقافة والوعي، أما من يواجهون الأزمة على طريقة اختراع الصحافة من جديد فهؤلاء سبب نكبة الصحافة، وقفوا على الأبواب وامسكوا بالمقابض، لم يسمحوا لأحد بالدخول ولا الخروج، هم فقط يولولون يصرخون.. الصحافة فى أزمة ساخرين من الأبواب المغلقة!.

هذه المجلة نشرت قصيدة الكعكة الحجرية لأمل دنقل وتمت مصادرتها، وكان مجلس تحريرها يتكون من الشاعر محمد عفيفى مطر وعلاء الدين وحيد ومحمود بقشيش ومحمد رضا، و المشرف العام عقيل مظهر، وتباع بخمسة قروش.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية