تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

هوامش فرعونية متحفية !!

مصر دخلت مرحلة جديدة في عالم المتاحف.. مرحلة تم تدشينها بافتتاح المتحف الكبير في سفح أهرامات الجيزة .. ولا أظن أن الأمر قد انتهى مع الاحتفال العالمي ..فهذه كانت ضربة البداية لسلسلة من الاحتفالات يجب أن تمتد وتمتد لترسيخ ثقافة وادب المتاحف في أرجاء مصر كلها أولا ثم في العالم اجمع.. وهي قضية تحتاج الى انتفاضة جادة وقوية من الجهات ذات الصلة بكل ما يتصل بالثقافة والتنوير الحقيقي.. ابتداء من المنزل والاسرة ثم المدرسة والجامعة والنوادي الرياضية والاجتماعية والأحزاب السياسية..
إشاعة ثقافة وادب المتاحف رسالة تعليمية وتربوية ووطنية في المقام الأول ولا يجب الاستهانة بها أو التهوين منها خاصة ونحن نتحدث عن بناء الوعي وإعادة بناء الشخصية الحضارية والاركان الذي يجب ان تستند اليها..
وهي قضية القضايا في هذه الأيام التي بلغ فيها العبث بالعقول خاصة الشباب وغيرهم أيضا مبلغا خطيرا وضعفت فيه التربية ووسائلها التقليدية بشكل كبير بل وانهارت خطوط الدفاع الأمامية للقيم والأخلاق مع الثورة العارمة والمدمرة لوسائل التواصل الاجتماعي.. وتجاوزت الأمور على هذا الصعيد كل حدود المعقول والمقبول.. مما يستوجب معه النظر في أمور كثيرة على وجه السرعة وبمنتهى الجدية دون الدخول في جدل عقيم لا يغني ولا يسمن من جوع..
قد يظن البعض أن الأمر أكثر صعوبة فيما يتعلق بالمتاحف أو الثقافة عموما ولكن لا يجب أن نستسلم لليأس أو للاحباط وننطلق بجدية نحو البناء الحقيقي في معركة بناء الوعي للأجيال..
ليس هناك صعوبة في تغيير الاتجاهات نحو ثقافة وادب المتاحف..خاصة اذا كانت هناك خطة ومنهج .. لا أعرف لماذا تلح على ذهنى صور رحلات المدارس الى حديقة الحيوان الشهيرة وكان التلاميذ والطلاب يجدون فيها متعة ما بعدها ويتم تكرارها سنويا إن لم يكن أكثر من مرة في العام.. ترى لو تم تحويل الدفة الى المتاحف مع وجود دعم حقيقي من وزارات الثقافة والسياحة والآثار والتعليم والمحليات أيضا لتشجيع وفود الطلاب والشباب عموما على ارتياد المتاحف والتعلم واكتساب مهارات معرفية وفنية وأخلاقية وغير ذلك .. المؤكد أنه يمكن أن يحدث ذلك طالما توفرت الإرادة والرغبة في الوصول الى الهدف.. انطلاقا من قاعدة أن المتاحف ليست للأجانب فقط.. بل للمواطن اولا.
**سؤال مهم طرحه البعض بجدية هل المتحف الكبير يغني عن بقية المتاحف نظرا لما يحويه من عدد ضخم من الآثار يتجاوز المائة ألف أثر؟!
الإجابة ببساطة: لا يكفي ولا يغني فالحضارة المصرية على مر العصور غنية بتراثها وثرواتها ولا يكفيها الف متحف ومتحف لرسم صورة حية وواقعية عن حقيقة ما فعل الإنسان المصري بعبقريته في مختلف مجالات الحياة العلمية والثقافية والاقتصادية والدينية أيضا وسجلها بكل حرفية لتحفظ دقائق حياته بكل السبل..
لنقل إن هذا متحف الشمال.. فالجنوب أو مصر العليا أكثر ثراء والأرض لاتزال بكرا لم تبح بعد بكل أسرارها فضلا عما هو موجود ومعروف من تراث خالد بمعابده الشامخة وحكايات طيبة ومعاركها من اجل الخلود في الأقصر وأسوان وادفو ودندرة وغيرها من علامات الحضارة المصرية القديمة والحديثة..
 
*سؤال اخر: هل الاحتفال بالافتتاح الكبير الذي تم بحضور قادة ورؤساء دول العالم يكفي وانتهى الأمر ؟!
** الجواب لا.. الحدث كبير وعظيم ويستحق أن تتوالى الاحتفالات به لإعطاء قوة دفع كبيرة لاستمرارية الحدث وتهيئة العقول وإثارة الأفكار الخاصة بالعناية بالفكر والثقافة وتقدير واحترام الإرث الثقافي باعتباره واحدا من أهم المشاعل المضيئة للحركة الفكرية والثقافية في كل مكان .. 
إحتفالات يشارك فيها الجميع ومن مختلف الفئات العمرية والمشاريع الثقافية والاجتماعية.
لماذا لا تشارك الجامعات وطلابها وتقيم احتفالات وفعاليات خاصة.. أيضا الهيئات العاملة في مجال السياحة والآثار.. المشتغلين بالاثار والعاملون عليها .. 
النقابات العمالية والجمعيات وغيرها لتتسع الرقعة وتغطي أرجاء الوطن.. ليساهم الجميع في خلق حالة الاهتمام ودعم التوجهات نحو خلق بيئة ثقافية وفنية جديدة تستلهم روح الحضارة العظيمة. وفنونها وعلومها وكل ما يساعد على الارتقاء بالوحدات والحس الوطني والحضاري لدى أبناء الوطن.. 

** من أسمى وأكبر تجليات المتحف الكبير بتصميماته الرائعة وهندسته المعمارية المستوحاة من عبقرية المصري القديم الهندسية في فنون البناء ما سمعت البعض يتحدثون به جهرا أنه يحق لنا كمصريين أن نطالب بقوة إعادة آثارنا المنهوبة في الخارج ..لأنها ستجد المكان اللائق بها وبعظمتها وقيمتها التاريخية والأثرية .. 
لابد من الإعتراف بأن الكثيرين عندما كانوا يشاهدون القطع الأثرية المصرية المنهوبة في متاحف العالم الشهيرة مثل اللوفر في باريس ومتحف برلين أو لندن وغيرها .. كانوا يتحدثون همسا وجهرا أحيانا بأنه لا داعي لإعادتها خاصة وأنها تلقى حفاوة وتكريما وتقديرا وموضوعة في أجنحة ومواضع بارزة في صدارة العرض المتحفي وقد شاهدت بنفسي ما فعله الألمان مع رأس الملكة نفرتيتي وبعض القطع الأخرى ومنظور الرؤية من أماكن متعددة لها ونظم الإضاءة وطرقها واحاطتها بالسياج اللازم أو الغرف الزجاجية.. 
وكذا الحال مع قسم المصريات الكبير في متحف اللوفر وما يضمه من تماثيل ضخمة وقطع كبيرة توابيت كاملة وأحجار ومسلات شاهقة في الميادين الكبرى مثل الكونكورد مثلا.. كلها تدفع إلى التساؤل والتعجب كيف تم نقل كل هذه الآثار إلى هناك وأي طريقة سلكها المغتصبون والمهربون أو حتى من يقولون بأنها أهديت إليهم في زمان استباحة كل شيء .. زمان الفوضى بلا حدود؟!
الآن وبعد أن أشرقت أنوار المتحف الكبير أصبحت الأمور مختلفة وسيكون حضن الوطن أكثر دفئا للآثار المهاجرة أو المصادرة أو تلك التي تعيش في المنافي.. 
** من النصائح والأقوال الحكيمة التى سجلها المصري القديم في بردياته ومحفوظة في كثير من متاحف العالم :
-اذا أردت أن تتسلق شجرة فامسك بأغصانها القوية لا بأوراقها أو زهورها.
-ليست القوة فى ألا تسقط بل القوة فى أن تنهض كلما سقطت.
- بالكذب تكسب الأعداء وتخسر الأصدقاء.. وكلما كسبت عدواً خسرت صديقاً.
- زارع الشر يروى ارضه بمياه الظلم فلا تنبت إلا أشواك الحقد.. وزارع الخير يروى أرضه بمياه الحق فلا تنبت إلا زهور المحبة.
- يبلغ القمة من يصعد إليها بقدمه.. ويسقط فى منتصف الطريق من يصعد على قدمى غيره.
- شجرة الصبار لا تطرح زهور اللوتس ..
والله المستعان..

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية