تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
الصين ..الطريق لنظام عالمى جديد
العالم تابع باهتمام كبير مظاهر الاحتفالات الكبرى التى جرت فى الصين مطلع الشهر والمشاركة الواسعة من قادة دول مؤثرين فى العالم فى اجتماعات قمة منظمة شنغهاى للتعاون فى مدينة تيانجين الصينية برئاسة الرئيس الصينى وحضور الرئيس الروسى بوتين ورئيس وزراء الهند وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج والدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء المصرى نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسى وقادة آخرين، حدث القمة أعقبه فى العاصمة بكين احتفالات الصين بذكرى الانتصار فى الحرب وتنظيم عرض عسكرى لافت من حيث دقة التنظيم وعرض أحدث ما أنتجته المصانع الصينية من الأسلحة والطائرات التى تملكها ومستوى التدريب والتجهيزات التى عليها الجيش فى رسالة بأن الصين لن تتراجع أمام الضغوط الخارجية وأنها تمتلك القوة لحماية مصالحها كما هو رسالة بأن الصين قوة عالمية عظمى وأنها تسعى لتشكيل نظام عالمى متعدد الأقطاب يكون فيه نفوذها أكبر بدلا من الهيمنة الأمريكية وهو فى التقديرات العامة يتجاوز مجرد الاحتفال بذكرى تاريخية وإنما يشكل حدثا يؤشر إلى تغييرات عميقة فى ميزان القوى العالمية .
ما يثير الاهتمام هو رد فعل الرئيس ترامب على العرض والاحتفال حيث أبدى إعجابه بالعرض ووصفه بأنه مثير للإعجاب للغاية وجميل وانتقد عدم ذكر الولايات المتحدة فى خطاب الرئيس الصينى مؤكدا التضحيات والدعم الأمريكى للصين فى أثناء الحرب كما اتهم قادة الصين وروسيا وكوريا الشمالية بالتآمر ضد الولايات المتحدة حيث نشر على منصة رقمية رسالة وجهها إلى شى جين وضيوفه حيث طلب منه أن يبلغهم تحياته الحارة بينما يتآمرون ضد الولايات المتحدة.
هناك مقولة شهيرة للفيلسوف الصينى القديم الشهير كونفوشيوس كان قد رددها باللغة الصينية الدكتور أنور إبراهيم رئيس وزراء ماليزيا تقول: «فيما بين البحار الأربعة، جميع البشر إخوة»، هذه المقولة قد تعكس توجه الصين نحو بناء شراكة متنوعة مع كل دول العالم ، الصين التى لا تتوافق سياسيا مع الولايات المتحدة الأمريكية تمثل الشريك التجارى الأهم لها وحجم التبادل التجارى فيما بينهما يقدر فى عام 2024 بنحو 659 مليار دولار أمريكى تمثل الواردات الأمريكية من الصين 439 مليار دولار أمريكى والصادرات الأمريكية إلى الصين 144 مليار دولار مما يعنى أن العجز التجارى للولايات المتحدة مع الصين نحو 295 مليار دولار وهذا يعنى اعتماد المستهكلين الأمريكيين على السلع الصينية، وتراجع بعض الصناعات المحلية التى لا تسطيع منافسة الصين مما يؤثر على فرص العمل وهذا يمنح الصين نفوذا اقتصاديا، وتدلل قوة الصين اقتصاديا وتصديريا والفائض فى الميزان التجارى الكبير للصين على قوتها الإنتاجية وقدرتها على التصدير بأسعار تنافسية، هنا لا نتحدث عن الأسباب الرئيسية للعجز فى الميزان التجارى فخبراء الاقتصاد أفاضوا فى الشرح فيها لكن باختصار تعود إلى تكاليف الإنتاج المنخفضة التى تتمتع بها الصين والسياسات التجارية والطلب الاستهلاكى الامريكى وأن العجز التجارى لا يعنى وجود اختلال هيكلى فى العلاقة التجارية وإنما هومصدر رئيسى للتوترات فى العلاقات بين البلدين فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية.
ربما تكشف تلك المقدمة عن حالة الوهج التى بدت عليها الصين خلال الأسبوع الماضى من خلال مظاهر الاحتفال الكبير الذى أقامته، فى كلمته بمناسبة الذكرى دعا الرئيس الصينى شى جين بينج الدول فى جميع أنحاء العالم إلى القضاء على الأسباب الجذرية للحروب وتجنب تكرار المآسى التاريخية. وقال إنه يمكن فقط الحفاظ على الأمن المشترك حينما تقرر الدول فى جميع أنحاء العالم معاملة بعضها بعضا على قدم المساواة، والعيش فى تناغم، وتقديم الدعم المتبادل بعضها بعضا.
الصين وصفت الاحتفال الرسمى الكبير بأنه ليس مجرد تكريم للتاريخ، بل هو رسالة تحمل رؤية للمستقبل، حيث يمكن للبشرية أن تتقاسم بسلام عالما أكثر عدلا وإنصافا وازدهارا وإعادة إحياء المنظمة الدولية ـ الأمم المتحدة ـ فى ظل الظروف الجديدة، بما يمكّنها من أن تكون المنصة الأساسية لتنسيق أعمال الدول ومعالجة التحديات بشكل مشترك.
قطعا نحتاج الآن وأكثر من أى وقت مضى للتوازن الدولى وعدم هيمنة القطب الأوحد، والتجربة التى تحدث فى غزة ولبنان تشير بجلاء إلى أن هيمنة الولايات المتحدة على العالم تمنح إسرائيل القوة فى الإبادة الجماعية والعالم يتفرج ومن هنا لا جدوى من الحديث عن عالم مثالى لكن المهم هو أن تتم اعادة ترتيب البيت الدولى ولا تنفرد بسلطة القرار دولة واحدة مهما كانت.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية