تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > ماهر مقلد > الأهرام.. فن كتابة التاريخ

الأهرام.. فن كتابة التاريخ

الاحتفال بمرور 150 عاما على تأسيس جريدة الأهرام هو حدث تاريخى يرمز إلى المستقبل، ومعه تستدعي الذاكرة الوطنية مسيرة الأهرام التى أضحت مؤسسة عملاقة تتنوع مسئولياتها وتتعدد أدوارها لكنها تحرص على أن تحافظ على خصوصية رمزيتها فى أن تستمر الصحيفة الأكثر تأثيرا فى المشهد الإعلامي بثقة المتلقى .

تتبنى طموحات الأمة، وتسهم فى صياغة المشروع الحضارى الذى ألهم العالم الثالث وشد انتباه العالم المتقدم، فى وقت كانت الرسالة الإعلامية التى تخرج من القاهرة عبر صفحات الأهرام عنوانا للموقف السياسي الذى تترقبه دوائر صناع القرار،حظيت الأهرام بأنها تجمع بين صفحاتها أقلام رموز الأدب والفن والسياسة ليس فى مصر وإنما على اتساع العالم.

مجد الأهرام ارتبط بأقلام المفكرين والأدباء الكبار وكتاب المقال السياسى. تأسست الأهرام على يد الأخوين بشارة وسليم تقلا في الإسكندرية عام 1875، في زمن كانت فيه الصحافة العربية تخطو خطواتها الأولى نحو المهنية والاستقلال، ثم انتقلت إلى القاهرة العاصمة المصرية حيث بدأت مرحلة جديدة من التأثير والانتشار، لتصبح مرآة دقيقة للتحولات الكبرى التي شهدتها مصر.

مبنى الأهرام فى شارع الجلاء وسط القاهرة علامة لا تخطئها العين، من حيث الشكل هو تحفة معمارية نادرة، زاره على مر التاريخ ملوك ورؤساء دول، ومن حيث الرمزية فهو المبنى العريق الذى يرفع العلامة الأشهر فى الصحافة العربية التى يشار إليها بأنها واحدة من أكبر 10 مؤسسات صحفية فى العالم، ارتبطت الأهرام بأسماء مرموقة عبر الزمن منحتها التأثير والقوة والتفرد.

هنا نتوقف أمام مشاهد عفوية غير أنها عميقة الدلالة وترسم صورة الصحيفة العريقة فى عيون العالم ومصر، في مناسبة زيارة مقر مجلة «دير شبيجل» الألمانية قبل أكثر من عقدين من عمر الزمن في أثناء مقابلة مع مدير تحرير المجلة أشار إلى صورة كاتب مقال فى المجلة وهو مفكر ألمانى ويومها أراد أن يذكر السبب وراء وضع صورة ترافق اسمه على المقال حيث ذكر أنه فى المكانة التى عليها الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل رئيس تحرير الأهرام الأسبق وركز على اسم الأهرام، فى لبنان فى المؤتمر الصحفى الذى عقده حسن نصر الله الأمين العام الأسبق لحزب الله للكشف عن صفقة تبادل الأسرى بين لبنان وإسرائيل، كان النظام المتبع عند توجيه السؤال أن يقدم الإعلامى السؤال مكتوبا للمستشار الإعلامى للحزب وعندما طلبت قال المستشار الإعلامى حسين رحال: الأهرام يسأل ما يريد دون أن يعرف طبيعة السؤال، التقيت سيدة طاعنة فى السن تقيم فى منزل بالجنوب اللبنانى بمفردها بعد أن التحق الابن الأكبر بالعمل فى إفريقيا والثانى فى العاصمة بيروت، وعندما سألتها ماذا تفعل بمفردها خصوصا فى فصل الشتاء القارس؟ حيث يتعذر معه الخروج خارج البيت لبعض الوقت، كانت إجابتها كاشفة وقالت كنت أقرأ الأهرام وسجالات الشيخ على عبد الرازق وطه حسين والدكتور محمد حسين هيكل، ثم أردفت وطبعا مقالات الكاتب الكبير هيكل .

فى صباح أحد الأيام تلقيت مكالمة هاتفية من السيد سامى شرف يرحمه الله والذى شغل مناصب مهمة لكنه كان أشهر مدير لمكتب الرئيس جمال عبد الناصر يومها طلب منى أن أرفع طلبه إلى أعلى مسئول عن إدارة التوزيع فى مؤسسة الأهرام بعد أن توقف إرسال عدد الأهرام إلى منزله منذ يومين، وهو يتحدث عن أهمية مطالعة الأهرام يوميا على وجه السرعة جرى الاتصال مع ابراهيم العقباوى مدير عام إدارة التوزيع فى ذلك الوقت وفى وقت قياسى تمت معالجة الأمر - كما كان يرحمه الله يفعل فى كل موقف بالاهتمام والمتابعة – هذه مجرد ملاحظات عابرة عن مكانة الأهرام فى وجدان القارئ فى كل مكان، تاريخ مهم وإرث عظيم وتقاليد راسخة ، قطعا تواجه تحديات العصر التى تفرض متغيرات جوهرية، والتى تؤثر على صناعة الإعلام ومن حسن الطالع أن تعدد أدوات الأهرام يمنحها المزيد من الاستقرار والصبر والقدرة على مواكبة التطوير واستمرار التأثير، ويبقى العرفان للأجيال التى تعاقبت على تحمل المسئولية والوفاء لهذه المؤسسة التى تدعو للفخر والاعتزاز، والتقدير لكل من يخلص العطاء ويواصل السير نحو الأمام بالمؤسسة الخالدة .

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية