تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > ماهر مقلد > 82 عاما على «إعلان القاهرة»

82 عاما على «إعلان القاهرة»

قبل أيام قليلة مرت ذكرى تاريخية مهمة ترتبط بالقاهرة ومصر وهى ذكرى إعلان القاهرة الذى صدر يوم 27 نوفمبر عام 1943 على أثر الاجتماع الذى عقد فى فندق مينا هاوس وضم ثلاثة من كبار قادة العالم فى ذلك الوقت، هم الرئيس الأمريكى فرانكلين روزفلت ،رئيس الوزراء البريطانى ونستون تشرشل، الجنرال شيانج كاى شيك، زعيم الصين وهى صورة لا تقدر بثمن كونها جاءت من أجل وضع حد للحرب العالمية الثانية .

 

عندما نفتش فى أوراق التاريخ، كى نستحضر الإرث المصرى الخالد نتوقف أمام هذا الحدث الذى جرت وقائعه فى القاهرة قبل 82 عاما باسم إعلان القاهرة، وكان له أثر عميق على شكل آسيا بعد الحرب العالمية .

تضمن الإعلان أربع نقاط ضرورة استسلام اليابان دون شروط، وجوب عودة الأراضى الصينية التى احتلتها اليابان، مثل منشوريا وتايوان وجزر بيسكادوريس، إلى الصين،تحرير كوريا بعد الحرب وجعلها دولة مستقلة حرّة،إعادة كل الأراضى التى احتلتها اليابان إلى أصحابها الشرعيين.

فى مرحلة حاسمة من الحرب العالمية الثانية جاء المؤتمر، وكان هدفه تنسيق المواقف بين الحلفاء فى مواجهة اليابان وألمانيا، وبحث مستقبل آسيا بعد توقفها.

هناك عوامل كثيرة تمنح مصر مميزات وتضعها فى دائرة الاهتمام والدليل على ذلك انعقاد هذا المؤتمر فى القاهرة بما تتميز بالموقع الاستراتيجى ودورها كمركز للقيادة العسكرية والسياسية فى الشرق الأوسط، هذا المؤتمر وضع الأساس السياسى لفكرة استقلال كوريا، التى كانت تحت الاحتلال اليابانى منذ 1910، وأُعلن رسميًا استقلالها بعد الحرب عام 1945، لتنشأ لاحقًا كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية نتيجة الانقسام بين النفوذ الأمريكى والسوفيتى.

أما أهمية المؤتمر لجمهورية الصين الشعبية ، يمثل انتصارًا دبلوماسيًا كبيرًا لها، إذ اعتُرف بها كقوة عظمى بين الحلفاء، وهو ما مهد لاحقًا لدخولها مجلس الأمن كعضو دائم بعد الحرب.كما أقر بمبدأ الصين الواحد.

ربما يمر الحدث دون أن يحظى بالاهتمام الواجب فهو استثنائى فى التاريخ وعلامة فارقة فى مصير دول مهمة على خريطة العالم الآن، قد تكون الأولويات فى مصر تفرض قواعدها، لكن حدثا على هذا المستوى والقيمة والبعد السياسى والتاريخى يظل يفرض ضروراته .

مصر من خلاله أسهمت فى صناعة القرار الدولى فى لحظة تاريخية ،وهنا يبرز السؤال: لماذا لا تستثمر مصر هذا الحدث التاريخى الفريد؟ ولماذا لا يتحول إلى مؤتمر سنوى عالمى للسلام والتفاهم الدولي؟ لم يكن اجتماع ميناهاوس مجرد اجتماع عسكرى، بل كان لقاءً بين حضارات ثلاث قارات الولايات المتحدة من الغرب، بريطانيا من أوروبا، والصين من الشرق. والأرض المصرية كانت الوسط الذى جمعهما.

إن هذه الرمزية العميقة تجعل الحدث مؤهلًا لأن يكون رمزًا دائمًا للحوار بين الشرق والغرب، مكانًا تلتقى فيه الأفكار كما التقت الجيوش ذات يوم، ومنصة لبناء السلام فى زمن التحولات الكبرى.

فكرة «منتدى مينا هاوس العالمى للسلام والتنمية» يمكن أن يُعقد مؤتمر سنوى فى ذكرى الحدث (نوفمبر من كل عام)، تحت عنوان منتدى مينا هاوس العالمى للسلام والتنمية ،يعقد فى نفس المكان الذى شهد مؤتمر 1943، إحياء مؤتمر مينا هاوس ليس مجرد تذكير بالماضى، بل إعلان عن مواصلة مصر رسالتها مصر كجسر بين الشرق والغرب فى القرن الحادى والعشرين.

فهى الدولة التى جمعت القادة فى زمن الحرب، ويمكنها اليوم أن تجمع الأمم فى زمن السلام.

نتذكر فى كل مرحلة أن التاريخ لهذا الوطن يزخر بالصفحات الخالدة والمواقف المؤثرة مما يعكس عطاء مصر عبر العقود والأزمان .هذه الدعوة ليست من قبيل التفاخر لكنها من زاوية استثمار الإرث.

ومصر تمتلك أحد هذه الرموز النادرة فى فندق ميناهاوس، حيث اجتمع القادة ليصنعوا السلام بعد حرب عالمية.

إن إحياء مؤتمر ميناهاوس ليس فقط تكريمًا للماضى، بل تجديدٌ لدور مصر كصانعة للتاريخ لا شاهدة عليه.

ومن قلب الأهرامات، يمكن أن يخرج من جديد نداء القاهرة للسلام، ليذكّر العالم أن من أرض مصر تبدأ الرسائل العظمى، وأنها كانت — وستبقى — منارة اللقاء بين الشرق والغرب.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية