تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > ماجد منير > مصر وفلسطين.. أحاديث مرفوضة ومواقف ثابتة

مصر وفلسطين.. أحاديث مرفوضة ومواقف ثابتة

يسجل التاريخ، عبر عقود، ما قدمته وتقدمه مصر للقضية الفلسطينية، والأشقاء الفلسطينيين، عن قناعة تامة بأن هذا هو دورها؛ فمصر لم تكن فى يوم من الأيام، عبر تاريخها الطويل، بعيدةً عن القضايا العربية، بل هى دائما فى المقدمة تتحمل المسئولية كاملة، تبذل كل ما فى وسعها من أجل المصالح العربية، بالتوازى تحرص القيادة السياسية على حماية مصالح الوطن وحدوده وأمنه القومي، وليس هناك من دليل على ذلك؛ أكبر من إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى أن أمن مصر القومى مسئوليته الأولى.

ومع أحداث 7 أكتوبر 2023، وما تبعها من عدوان إسرائيلى غاشم على غزة يرقى إلى الإبادة والتطهير العرقى، سارع الرئيس السيسى إلى التنسيق مع قادة العالم؛ من منطلق الموقف المصرى التاريخى، القائم على الالتزام بكل القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والتى لن يتم السماح بتصفيتها على حساب أطراف أخرى، وبأى طريقة كانت، لإدراك الرئيس أن التصعيد الخطير له تداعيات، قد تطال أمن واستقرار المنطقة.
إن قدر مصر أن تتحمل عبء القضية الفلسطينية، التى لن يتم تسويتها إلا برؤيتها ومشاركتها ووساطتها؛ لذا فهى تتواصل مع جميع القوى الدولية والأطراف الإقليمية المؤثرة؛ من أجل التنفيذ الكامل لاتفاق وقف النار وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وفق الاتفاق الذى دخل حيز التنفيذ فى 19 يناير الماضى، برعاية مصرية وقطرية وأمريكية، وهو ما أكد عليه البيان الختامى لاجتماع اللجنة الوزارية العربية ــــ الإسلامية، مع الممثلة العليا للشئون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبى كايا كالاس بالقاهرة أمس الأول، مع التشديد على ضرورة التقدم نحو المرحلة الثانية من الاتفاق بهدف تنفيذه بالكامل، بما فى ذلك إطلاق سراح جميع المحتجزين، وإنهاء الأعمال العدائية بشكل دائم، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
إن مصر، وهى تقوم بدورها التاريخي، تؤكد دوما أن السلام العادل والشامل، القائم على حل الدولتين، هو السبيل لتحقيق الأمن الحقيقى والمستدام للشعب الفلسطينى، وتسوية القضية عن طريق المفاوضات، التى تفضى إلى السلام العادل وإقامة الدولة الفلسطينية، ومصر فى الوقت نفسه مطالبة بأن تحمى حدودها، وهو ما قصده الرئيس السيسى، عندما قال: «لا تهاون أو تفريط فى أمن مصر القومى تحت أى ظرف».

إن الأزمة هذه المرة معقدة للغاية، وهى الأخطر فى تاريخ القضية، وتدرك مصر أن المخطط واضح لخدمة أهداف الاحتلال القائمة على إخلاء الأراضى الفلسطينية من سكانها، بإجبارهم على الاختيار بين الموت تحت القصف أو النزوح خارج أراضيهم.

وإذا كانت مصر قد تصدت لمخطط نقل أهالى غزة إلى سيناء، فهى الآن تقود معركة دبلوماسية، لا تقل قسوة عما يحدث فى غزة من ويلات للحرب، حماية للقضية الفلسطينية من جهة، وعدم تصفيتها بمساندة غير مسبوقة من عدة أطراف، وحماية أمنها القومى وسيادتها من جهة أخرى، وهو ما يتطلب أعلى درجات الوعى من الشعب المصرى فى هذه الفترة الحرجة من تاريخ الشرق الأوسط.

إن مصر ــ وهى تقود جهودا عربية وإسلامية ودولية مكثفة لضمان حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة ــ تتصدى فى الوقت نفسه لحرب من نوع خاص، وقودها الشائعات، وهدفها تقويض الدور المصرى الداعم للحق الفلسطينى، ففى غضون ساعات معدودة، وتحديدا من يوم الجمعة الماضى وحتى أمس الاثنين، واجهت الهيئة العامة للاستعلامات بقوة العديد من المزاعم والأكاذيب التى تستهدف مصر، فتارة تزعم بعض وسائل الإعلام أن مصر مستعدة لنقل نصف مليون مقيم من غزة بشكل مؤقت إلى مدينة مخصصة فى شمال سيناء، كجزء من إعادة إعمار القطاع، وتارة أخرى يزعم الإعلام ربط قبول مصر بمحاولات التهجير بمساعدات اقتصادية يتم ضخها فى الاقتصاد المصرى. وحسنا فعلت هيئة الاستعلامات بالاشتباك مع هذه الأكاذيب، وتفنيدها بالحجة والمنطق والثوابت المصرية المعلنة منذ الأيام الأولى لحرب الإبادة على غزة فى أكتوبر 2023، بالرفض القاطع والنهائى لأى محاولة لتهجير الأشقاء الفلسطينيين منها، قسرا أو طوعا، لأى مكان خارجها، خاصة إلى مصر، لما يمثله هذا من تصفية للقضية الفلسطينية وخطر داهم على الأمن القومى المصرى.

وأما ما يتعلق بالمساعدات الاقتصادية مقابل التهجير، فيكفى ما جاء فى بيان هيئة الاستعلامات من أن السياسة الخارجية المصرية لم تقم قط على «مقايضة» المصالح المصرية والعربية العليا بأى مقابل، أيا كان نوعه، فلا مقايضة على المبادئ، فموقف مصر الراسخ والثابت لعقود من القضية الفلسطينية أنها جوهر الأمن القومى المصرى والعربي، وتحملت مصر بكل رضاء أعباءه الاقتصادية الهائلة، ولم تقدم أى تنازل ــ ولو طفيفا ــ فى مقتضيات أمنها القومى والعربى، ولا الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى الشقيق.
هذه هى مصر، وهذه هى مواقفها، وهذه هى ثوابت الرئيس السيسى، التى لا تقبل القسمة على اثنين.. وستظل مصر واقفة على قدميها بكل عزم، وستبقى القاسم المشترك فى كل القضايا العربية، بل وقضايا المنطقة بأكملها؛ فتلك هى رسالتها، وهذه هى ثوابت قادتها!.
****
«إن مصر ــ وهى تقود جهودا عربية وإسلامية ودولية مكثفة لضمان حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة ــ تتصدى فى الوقت نفسه لحرب من نوع خاص، وقودها الشائعات، وهدفها تقويض الدور المصرى الداعم للحق الفلسطينى»
mmonir@ahram.org.eg

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية