تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
على حافة الهاوية!
تتسع مساحات الحرائق على المسرح الاستراتيجى للشرق الأوسط.
تمارس قوى إقليمية ودولية استعراضات القوة العسكرية، تزعزع الاستقرار على نحو شديد الخطورة، وبينما يخفت صوت العقل، تقبض مصر على الجمر، لمنع كارثة لا تبقى ولا تذر!.
لم تتخل مصر يوما عن قضايا الأمة العربية، وفى القلب منها القضية الفلسطينية، لم تترك منبرا إلا وأكدت من خلاله دفاعها عن الشعب الفلسطيني، وعن حقه الكامل فى إقامة دولته؛ من هنا كان التحرك المصرى المبكر الواعى لدرء الأخطار فى ظل حرب الإبادة التى يشنها جيش الاحتلال، بينما وقف العالم عاجزا، مع توارى الضغط الأمريكى أمام الوحشية الإسرائيلية.
تعى مصر خطورة ما حدث، تعمل على ألا تضيع «القضية» فى غياهب التاريخ أو تخرج من الجغرافيا. والظاهر أن حرب الإبادة التى يشنها جيش الاحتلال بلا رحمة على شعب أعزل لم ترو ظمأه للدماء، وأخفقت فى إنجاز ما خطط له ويسعى إليه مع حلفائه؛ لذلك خرجت تصريحات غير منضبطة لمسئولين إسرائيليين، فى الفترة الأخيرة، على رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو، مندفعة، طائشة، تحمل ادعاءات باطلة وتفضح مجددا أهداف تصفية القضية الفلسطينية ومساعى تفريغ غزة من أهلها وتهجيرهم من خلال «معبر رفح».
تنحدر هذه التصريحات إلى حد الأكاذيب، وقد رفضتها القاهرة، فى بيان للخارجية أكد أن مصر تستهجن التصريحات المنسوبة لنيتانياهو بشأن رغبته فى تهجير الفلسـطينيين من معبر رفح، فى إطار محاولاته المستمرة لتمديد زمن التصعيد فى المنطقة، وتكريس عدم الاستقرار لتفادى مواجهة عواقب الانتهاكات الإسرائيلية فى غزة داخليا وخارجيا.
وجددت القاهرة إدانتها ورفضها تهجير الشعب الفلسطينى تحت أى مسمي، قسريا أو طوعيا، من خلال استمرار استهداف المدنيين والبنية التحتية ومناحى الحياة المختلفة لإجبار الفلسطينيين على المغادرة، واعتبرت هذه الممارسات انتهاكا صارخا للقانون الدولى الإنسانى وترقى لجرائم التطهير العرقي، وناشدت المجتمع الدولى تفعيل آليات المحاسبة على تلك الجرائم،
وشددت مصر على أنها «لن تكون أبدا شريكا فى هذا الظلم، لن تصبح بوابة التهجير؛ بوصفه «خطا أحمر» غير قابل للتغير، وطالبت بمواجهة حالة الفوضى التى تسعى إسرائيل لتكريسها فى المنطقة، ووقف النار فى غزة، والانسحاب من القطاع، وتمكين السلطة الفلسطينية الشرعية من العودة لغزة، بما فى ذلك على المعابر.
إن التصريحات الإسرائيلية انتهاك صارخ للقانون الدولى الإنسانى الذى يحظر التهجير القسرى للمدنيين؛ باعتباره محاولة مكشوفة لتغيير التركيبة الديموغرافية فى غزة، و«جريمة حرب» بموجب نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، وتعد هذه التصريحات برهانا على انعدام حسن النية تجاه وقف النار المستدام، وتُقوض أى أفق لحل الدولتين. ومن ثمّ تطالب مصر المجتمع الدولى بتحمل مسئولياته القانونية والأخلاقية لوقف هذه الانتهاكات الصارخة ومحاسبة مرتكبيها.
يبدو لكل ذى عقل أن الإسرائيليين فقدوا توازنهم بعد فشلهم فى الحرب الدائرة حاليا، تناسوا أنهم يسيطرون عسكريا على القطاع، ويستمرون فى العقاب الجماعى والقتل والتجويع لأكثر من مليونى فلسطيني، ويحاولون تعليق هذا الفشل على «شماعة آخرين»، فى مغامرة استفزازية مكشوفة وغير محسوبة
وإذا كانت حكومة الاحتلال لا تدرك خطورة إقحام القاهرة فى أزمات دامية من صنع الاحتلال، فالعالم يشهد لمصر بأنها دولة تحترم التزاماتها الدولية، بالقدر الذى تستطيع الدفاع عن مصالحها وسيادتها على أراضيها وحدودها، بكل اقتدار.
يدرك الجميع أن مصر تملك جيشا عظيما قادرا على حماية حدودها، بكل الكفاءة والانضباط، وفى هذا السياق يجول بخاطرى الآن مغزى كلام الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكأنه كان يقرأ المستقبل، ويدرك مبكرا أن الأمور فى المنطقة تتجه إلى منحدرات غير مسبوقة، عندما قال: «محدش يتصور ما هو مدى قدرتنا، عمرى ما اتكلمت كده علشان ميتفهمش إننا بنهدد حد».
إن كلام الرئيس القائد والزعيم ينسحب- قطعا- على كل ما يهدد الأمن القومي، الشغل الشاغل للدولة؛ وإذا كانت مصر لم تترك بابا إلا وطرقته، أو مسارا إلا واقتحمته، فى سبيل الدفاع عن حقوق الأشقاء العرب، فإنه من الأولى ألا تفرط فى الأمن القومى المصري، وألا تسمح لأحد بمجرد التفكير فى تهديده.
إن كل عقلاء الإقليم والعالم مدعوون لكبح ممارسات الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، والتى تدفع المنطقة بأكملها إلى حافة الهاوية، وتقترب بالإقليم من حالة الانفجار..
الأمر الوحيد المطمئن أنه وسط كل هذا الظلام، وستائر الدخان الكثيف، تمد مصر يدها ــ مع دعاة السلام العادل ــ تتحرك بحزم وعزم، لمنع تصفية القضية الفلسطينية، وإنقاذ المنطقة من حالة الفوضى والضبابية، تعمل على عدم اتساع رقعة الصراعات، وتحاول «فض الاشتباك» بين المصالح؛ لأن البديل حريق هائل يعصف بالجميع دون أوهام.
أخيرا، فإن النقطة البيضاء فى هذا المشهد، هى حالة الوعى بين المصريين، التى توحد صفوفهم وتجعلهم يدا واحدة، ضد أخطار تطرق الأبواب!.
* * *
إذا كانت مصر لم تترك بابا إلا وطرقته، أو مسارا إلا واقتحمته، فى سبيل الدفاع عن حقوق الأشقاء العرب، فإنه من الأولى ألا تفرط فى الأمن القومى المصري، وألا تسمح لأحد بمجرد التفكير فى تهديده
mmonir@ahram.org.eg
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية