تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
راية الأهرام
الكتابة عن «الأهرام» مهمة صعبة، يرتعش معها القلم، وتهتز الأوراق، وتتداعى المشاعر، ويتداخل الزمن، ويسجل التاريخ.
ولِمَ لا؟! وهى بمثابة طرق للأبواب المقدسة، وإبحار فى أعماق لا نهايةَ لها، وتوغل فى نفق طويل يكتم أسراره، ونقش على جدران محراب يقترب عمره من قرن ونصف قرن.
ما أعظَمَ «الأهرام»! وما أجملَ تاريخها! وما أشدَّ الشوق إلى قصصها وحكاياتها! وقبل كل ذلك.. ما أرفَعَ منزلتها! وما أغلاها، ليس على أبنائها فقط، ولكن أيضا على أرض مصر وشعبها!
لم تكن تلك المنزلة التى اكتسبتها «الأهرام» من فراغ، ولا بمحض الصدفة، ولكن نتاج علاقة تاريخية بينها وبين قرائها، الذين لم تخلفهم ولم يخلفوها موعدا، وكأنَّ الطرفين على عهد ووعد، نجحت فى الوفاء به بعد أن استطاعت التكيف مع كل الظروف، والتعامل مع كل المحطات الخطيرة، وحرصت على تطوير أدواتها، وتحديث نفسها بكل فنون الصحافة والطباعة والنشر والإعلان، وفتح مساحات على صفحاتها لكبار الكتاب والأدباء والسياسيين والمثقفين.
وقفت «الأهرام» سنوات ممتدة كالجبل تصد كل الهجمات، وتدحض كل الآراء التى راهنت على أفول عصرها، لتثبت، بحق، أنها هرم رابع، استطاعت أن تكون جزءا من الدولة المصرية، بصدقها وموضوعيتها واتزانها ولغتها الرصينة، فكان لها السبق فى كل شيء، وكانت ــ ولا تزال ــ الأولى فى كل فنون الصحافة.
«الأهرام»، تعنى أن الصحافةَ مهنة ورسالة وشرف، لا تجاوزَ، ولا طعنَ فى الذمم والأخلاق، ولا هبوطَ فى اللغة، بل دقة ووضوح وصراحة وحقيقة، نالت بها ثقة المصريين والعرب وكثير من شعوب العالم، وأبدا لم يقترب منها المشيب، بل تجدد شبابها كل يوم، فأصبحت شريكا فى الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
كانت الوصية الأولى لكل من يلتحق بالعمل فى «الأهرام» تقول: «إذا رأيت كلمة تقولها يخسر معها شخص قرشاً، وتربح الأهرام آلافاً، فلا تَقُلْها، ولو خسرت الأهرام فوق الربح المنتظر أضعافاً».
وأتذكر الآن اللحظات الأولى التى تشرفت فيها بالالتحاق بمؤسسة «الأهرام» العريقة قبل أكثر من 30 عاما، وتجرى أمامى ذكريات يحن لها القلب، وتتراقص أمام عينى أيامٌ كنا نصل الليل بالنهار، نجرى وراء الخبر والتقرير والتحقيق والحوار، ثم نسهر حتى طلوع الشمس فى الإعداد والتنفيذ، وكنا سعداء بتلك الأيام التى كنا نواصل العمل فيها دون تعب، أو معاناة، أو شكوى، أو تبرم
ما لم أكن أتصوره أن يأتى يوم أكون فيه مسئولاً عن حمل راية صحيفة الأهرام؛ تلك القيمة العظيمة، وهذا الصرح العملاق الذى قال عنه عميد الأدب العربى طه حسين: «الأهرامُ ديوانُ الحياة المعاصرة»، ما أشقها من مهمة، أن تحمل أمانة «الأهرام»، نبض الحياة المصرية والعربية، التى يعد عليها قراؤها أنفاسها، لتعرف منها ما يدور فى مصر والمنطقة والعالم.
لم أبتعد عن «الأهرام» يوما واحدا، وقضيت سنوات فى «الأهرام المسائى»، عملت محرراً اقتصاديا، ومحرراً للشئون المحلية، ومحررا للشئون الخارجية والعربية، ومحرراً عسكريا، ومحررا سياسيا، ومندوبا فى رئاسة الجمهورية، ثم انتقلت للعمل مديرًا لمكتب الأهرام فى دولة الإمارات الشقيقة، قبل أن أتولى رئاسة تحرير «الأهرام المسائي»، ومعه «بوابة الأهرام» الإلكترونية، قبل أن أنال شرف رئاسة تحرير «الأهرام»، بعد ثقة غالية من الهيئة الوطنية للصحافة برئاسة المهندس عبد الصادق الشوربجي، الذى لا يدخراً جهداً فى سبيل أن تأخذ «الأهرام» مكانتها، وأن تسترد الصحافة القومية قوتها وعافيتها، وتواصل أداء دورها فى خدمة الوطن.
مع تكليفى وتشريفى برئاسة تحرير «الأهرام»، جعلت هدفى ألا أنقص مثقال ذرة من أرصدتها ومكتسباتها، وهى كثيرة، وعقدتُ العزم على أن أزيدها بكل جديد فى المهنة، وأن ألاحق مع زملائى كل عوامل التحديث والتطوير، حتى تبقى «الأهرام» متفردة بين أيدى قرائها ومتابعيها الذين يتمسكون بها فى السراء والضراء.
جئت لأخدمَ «الأهرام» مع مجموعة من أكفأ الصحفيين، ولكى نتعاون جميعا فى رفع قيمة هذا الصرح الشامخ، ليستمر فى أداء دوره ورسالته كمنارة للمعرفة والعلم والثقافة، ولعل من حسن الطالع أن يتزامن هذا مع بداية عهد جديد فى جمهورية جديدة، يحرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على أن تأخذ بكل أسباب التطوير والتحديث والتقدم، من أجل أن يكون لمصر مكان بين الأمم المتقدمة بعد سنوات من الجمود، كدنا ندفع ثمنه غاليا.
إنى أعاهد قراء «الأهرام»، أن تتواصل الرسالة بكل الوضوح والشفافية، ليس فى الجريدة المطبوعة فقط، ولكن فى كل الوسائل الحديثة الأخرى، وعلى رأسها المنصات الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، حتى تبقى «الأهرام» نهراً للعطاء.
من حقنا أن نفخر دائما أننا «أهراميون»، ولِمَ لا؟! ونحن نعمل فى منظومة أكثر دقة من الساعات السويسرية، كل من يدور فى فلكها يعرف دوره، ويؤديه بتفانٍ وفى صمت، ومهمتنا أن تستمر هذه الروح التى ظهرت جلية فى يوم تاريخى جديد من أيام «الأهرام»، عندما تسلمتُ المهمة وسط ترحاب واستقبال لن أنساه ما حييت.
كلى ثقة بأننى وزملائى قادرون على مواصلة العمل الجاد الذى يناسب إيقاع الجمهورية الجديدة، بكل ما تتطلبه من تطوير وتحديث ومجاراة لأدوات العصر، على أن نكمل ما بدأه زملاء سبقونى، أدوا مهمتهم بكل اجتهاد وإخلاص، وآخرهم الأخ والصديق الأستاذ علاء ثابت، الذى تسلمت منه راية «الأهرام».
سنبدأ مرحلة جديدة، ونخوض التحدى الكبير الذى تفرضه علينا مهنتنا، ونتكاتف جميعا، وتتشابك أيدينا من أجل «أهرام»، يضيف إلى تاريخه الطويل، حاضراً متطوراً، ويصنع مستقبلاً مبشراً، لتبقى «الأهرام» قوية شامخة، تؤدى دورها المحورى فى المنطقة العربية، وهذا قدرها وقدر كل من ينال شرف المسئولية فيها.
وفى النهاية، لا يسعنى إلا أن أدعوَ «الأهراميين» من أعماق قلبى إلى الوقوف صفاً واحداً؛ من أجل أن تبقى «الأهرام» فى المقدمة، وليس لنا أن نقبل بغير هذا.
--------------------------------
أعاهد قراء «الأهرام»، أن تتواصل الرسالة بكل الوضوح والشفافية، ليس فى الجريدة المطبوعة فقط، ولكن فى كل الوسائل الحديثة الأخرى، وعلى رأسها المنصات الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، حتى تبقى «الأهرام» نهرا للعطاء.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية