تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

إقليم فقد عقله!

بات إقليم الشرق الأوسط البائس على شفا الانزلاق إلى دائرة مفرغة، من فوضى وحرب شاملة لن ينجو منها أحد، وأصبح الكابوس الذى كان الجميع يخشاه واقعا مخيفا؛ بعد أن سادت لغة الحرب والتدمير، وتراجعت نداءات السلام والتنمية والاستقرار.

على مدى الشهور الأخيرة تصاعد القلق من احتمال انفجار برميل البارود واشتعال النيران فى كل شبر من أرض الشرق الأوسط، والآن بعد التصعيد البالغ الخطورة بين إسرائيل وإيران والتطورات المتسارعة التى باتت تمثل تهديدا مباشرا للأمن والسلم الإقليمى والدولي، لم يعد أحد يستبعد أن يتسع الصراع مع ظلام الليل أو بصيص الضوء أو شروق الشمس، بعدما أصبح الإقليم المضطرب أقرب من أى وقت مضى إلى تداعيات غير مسبوقة تأتى على الأخضر واليابس وتهدد مقدرات شعوب المنطقة وتفضى بها إلى فوضى عارمة.

يقف الإقليم على أطراف أصابعه ويحبس أنفاسه ويعدها؛ منتظرا الحكماء الذين يستطيعون نزع فتيل الانفجار، عن طريق فتح حوار جاد وصادق، وإيمان بأنه «لا حلول عسكرية» للأزمات التى تواجهها المنطقة، وأن الحلول السياسية والمسارات السلمية هى الطريق الآمن والوحيد؛ فالدول لم تُبنَ بثمنٍ بخس.

والحقيقة نحن فى أمس الحاجة إلى قادة يؤمنون بأن الحفاظ على أمن الشعوب وحقن دمائها وتجنيبها ويلات الحروب هو الواجب المقدس، وأن المغامرة بمصير الدول والشعوب أبعد ما يكون عن مقومات القيادة.

ووسط كل هذا الظلام وستائر الدخان الكثيف الذى يكتم الأنفاس، تتحرك مصر فى سباق مع الزمن؛ لإنقاذ الشرق الأوسط من مستقبل مخيف، متسلحة بثوابتها التى تشدد على أن أمن المنطقة لن يتحقق إلا من خلال احترام سيادة الدول ووحدة وسلامة أراضيها وتحقيق العدالة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى العربية.

تحركت الدولة المصرية منذ اللحظات الأولى بعد 7 أكتوبر 2023؛ لمنع تصفية القضية الفلسطينية، وحذرت من اتساع رقعة الصراع، وطالبت المجتمع الدولى بالقيام بدور حاسم وفاعل؛ لضمان توافر الإرادة السياسية التى تحقق التوصل إلى وقف العمليات العسكرية، وفتح المجال أمام الحلول السلمية.

لقد أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي ــ فى اتصالات مكثفة، مع أبرز زعماء العالم ــ أن التصعيد الراهن له تداعيات كارثية على المنطقة، وعلى الأمن والاستقرار الإقليميين، ويعرض مقدرات شعوب المنطقة لخطر بالغ كما أنه يهدد بانزلاق الشرق الأوسط بأكمله إلى فوضى عارمة؛ تتحمل عواقبها جميع الدول دون استثناء؛ مما يستلزم ضرورة الوقف الفورى للأعمال العسكرية والعودة إلى المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران؛ باعتبارها السبيل الوحيد للوصول إلى حل سلمى للأزمة.
وفى ظل التصعيد الراهن والشواغل الأمنية المتعلقة بعدم الانتشار النووى فى المنطقة، جدد الرئيس السيسى موقف مصر الثابت بضرورة إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بالشرق الأوسط؛ بما يشمل كل دول الإقليم، مع ضرورة اتباع مقاربة شاملة تعالج هذه الشواغل، من خلال تحقيق عالمية معاهدة عدم الانتشار وبالأخص فى الإقليم.

وبالعودة الى جذور أزمة الشرق الأوسط ومسار علاجها تتجدد الرؤية المصرية التى يؤكدها الرئيس السيسي، والتى تحظى بتقدير دولى واسع، وتتلخص فى أن الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية هو الضمان الوحيد للتوصل إلى السلام الدائم واستقرار المنطقة.

وذلك إيمانا بأنه آن الأوان لترتيب الأوضاع فى الإقليم، والذهاب نحو المستقبل، وإعادة الإعمار والرخاء الاقتصادي، والنعيم الأمنى.
ولعل أبرز ما يمكن استخلاصه ــ من مشاهد التهديدات التى تؤرق المنطقة بأكملها ــ هو وعى المصريين بأن الشرق الأوسط يشهد حالة صدام واشتباك بين المصالح على المستويين الإقليمى والدولى؛ ما يزيد من حالة الفوضى والضبابية فى المنطقة، وإيمانهم بأن مصر قوية بقيادتها وشعبها، وأن اللحظة التاريخية الفارقة التى يشهدها الإقليم تستدعى أن يصبح الاصطفاف الوطنى واجبا وضرورة من أجل الوطن، والحقيقة أن المصريين دائما فى الموعد دعما ومساندة للمصلحة الوطنية، ولأمن مصر والأمتين العربية والإسلامية؛ يدركون أنه لا مجال إلا أن نكون على «قلب رجل واحد» نحمى الوطن ونحافظ عليه من الأخطار التى تطرق الأبواب.

إن ما يدور فى الإقليم قد يؤدى إلى ما لا يمكن تصوره، وهو ما يؤكد ضرورة إسدال الستار على جحيم الموت والدمار والعنف، بعد أن تبعثرت أوراق الإقليم، وفقد عقله، ونفد الصبر، وارتفعت حرارة البركان الذى قد يثور فى أى وقت؛ وساعتها لن يفيد الندم على ضياع إقليم كان ينبغى أن ينعم بالهدوء، بعد عقود من الاضطراب.

ووسط كل هذا الظلام وستائر الدخان الكثيف الذى يكتم الأنفاس، تسابق مصر الزمن؛ لإنقاذ الشرق الأوسط من مستقبل مخيف، متسلحة بثوابتها التى تشدد على أن أمن المنطقة لن يتحقق إلا من خلال احترام سيادة الدول وتحقيق العدالة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية