تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
منوعات درامية
أتابع الحديث عن برنامج عيد الإذاعة الثلاثين الذى سجلته الرائدة الإذاعية صفية المهندس فى إستديو مبنى الشريفين عام 1964 , وكانت الإذاعة قد شغلت فى بداية إرسالها عام 1934 مبنى واحد فقط فى شارع علوى ثم إمتدت لتشمل مكاتبها والإستديوهات أربع عمارات فى نفس المنطقة , أما فقرات الإرسال الغنائية التى بدأ بها الراديو فى ذلك الوقت كما ذكرها البرنامج فكانت تتضمن حفلا للآنسة أم كلثوم وإسطوانات محمد عبد الوهاب لأنهما كانا فى مكانة كبيرة جعلت إعتماد الإذاعة عليهما أمر ضرورى , ومعهما المطرب صالح عبد الحى والمطربة فتحية أحمد , ثم ساهم ميكروفون الإذاعة بعد ذلك فى إكتشاف وتقديم أصوات جديدة شاركوا بأغنياتهم فى ملء ساعات الإرسال , ولأن الموسيقار محمد عبد الوهاب كان الضيف الرئيسى فى هذه السهرة فقد سألته صفية فى البداية عن أول أغنية قدمها فى الإذاعة وعن إحساسه بالميكروفون حين غناها فقال : " كان مطلعها ( آه ياذكرى الغرام ) تأليف الشاعر أحمد رامى , أما الميكروفون فهو شىء جديد بالنسبة لى وأحسست أمامه بمسئولية خطيرة جدا فكنت كالكاتب المحسوب عليه كل كلمة يقولها ولهذا لابد أن أجيد ما أقول خاصة وأنى كنت أغنى على الهواء مباشرة " , وهنا تلتقط صفية المهندس من بين إجابة عبد الوهاب سؤال : " هل يجيد المغنى على الهواء أكثر من التسجيل ؟ " , فقال : " أنا أؤمن بأن التسجيل أفضل لأن المغنى يسجل أكثر من مرة وينتخب الأجمل , وقد يجرى مونتاج بين أربعة مقاطع ليخرجهم فى مقطع واحد ودى فرصة نادرة لا تتأتى لمن يذيع على الهواء , وأشار الموسيقار إلى إن الوصلة الغنائية كانت لأغنية واحدة فى نصف الساعة , أما بعد ظهورى فى السينما فكانت الأغنية قد تطورت حيث الجمل اللحنية سريعة والمدة لاتزيد على ثمان دقائق لأنها لو زادت عن هذا لأخذت ثلث مدة الفيلم " ..
ولتأكيد حديث ضيف السهرة تم إذاعة بعض مقاطع من قصيدة ( الجندول ) وأول أغنية وطنية تغنى بها فى الإذاعة ( حب الوطن فرض ) , ويتابع الموسيقار حديثه عن فضل ميكروفون الراديو على المطرب فقال : " خلال ثوان تنتشر أغنياته على المستمعين فى شتى أنحاء مصر وفى بلاد الوطن العربى بعد أن كان المطرب يحتاج لعدة أشهر يتنقل فيها بين المحافظات ليصل بأغنيته إلى الجمهور , وبرغم هذه الميزة فإن الميكروفون سلاح ذو حدين لأن المستمع يحكم على الأغنية فور سماعه لها عبر الراديو فإما أن تعجبه ويحبها فينال المطرب قمة الشهرة أو لاتعجبه فيفشل المطرب وينزل إلى سابع أرض " ..
ولأن الإذاعة كانت تحتفل بذكرى إنشائها كل عشر سنوات فإن صفية فى آخر حديثها مع الموسيقار محمد عبد الوهاب سألته عن آماله للأغنية العربية فى العشر سنوات التالية حتى يحين عيد الإذاعة الأربعين فقال : " أرى الأغنية العربية وقد تعدت أسوار بلدى وخرجت منها إلى نطاق العالمية , ولا تتخيلى مدى سعادتى حين أجد رجل أجنبى لا يتكلم العربية ولا علاقة له بالموسيقى العربية يحب الأغنية ويشتريها أو يسمعها ويتكلم عنها " , وينتهى الحوار مع الموسيقار الكبير بتمنيات صفية المهندس له بأن يمتد عمره عشر سنوات ليحتفل مع الراديو بالعيد الأربعين , وقد أطال الله فى عمر موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب حتى يوم 4 مايو عام 1991 الذى إنتقل فيه إلى خالقه وأثناء حياته الفنية الطويلة بعد عام 1964 قدم أعمال غنائية عديدة والتقى مع كوكب الشرق أم كلثوم فى أول قمة غنائية بينهما وهى رائعة ( إنت عمرى ) وتوالى التعاون بينهما فى أغنيات عاطفية ووطنية , كما قام ببطولة مسلسل إذاعى أمام الفنانة نيللى وهو ( شىء من العذاب ) والحديث عنه وما تركه من تراث فنى يطول , وإن كان ميلاد الموسيقار الكبير لم يتحدد فى تاريخ معين وإختلف فيه بين أن يكون من مواليد 1898 أو 1902 أو 1907 , ولكن وفاته كانت فى 4 مايو عام 1991 ولكن برنامج ( منوعات درامية ) ذكر يوم الجمعة الماضى أن رحيله كان فى ( 4 يونيه ) ولهذا قدم عمر بطيشة حلقة من مذكرات عبد الوهاب التى رواها بصوته , ولا أدرى ما الذى جعل الشاعر بطيشة يخطىء فى شهر رحيل موسيقار الأجيال وقد كان يمكنه أن يقدم للمستمعين هذا التسجيل بدون أن يذكر كونه فى مناسبة ذكرى وفاته لأنه من غير المعقول أن يكون للإنسان تاريخين للوفاة ..
وأعود إلى باقى سهرة العيد الثلاثين للإذاعة وكان لقاء مع الشاعر والسياسى والأديب والصحفى فكرى أباظه الذى روى قصة إلتحاقة بالإذاعة ليقدم فى أول عام لإرسالها أحاديث إجتماعية وسياسية وتفسير للقرآن , وكان قد تقدم معه لهذا الإختبار ونجح مثله الشيخ عبد العزيز البشرى , ودكتور محمود ثابت الذى لم يقبل كمتحدث لأنه تجاوز المدة المسموح له بالحديث خلالها , وقد تحدث فكرى أباظة عن تفسيره للقرآن لأنه كان على علم باللغة العربية التى درسها فى الجامعة والإنجليزية والفرنسية ولكن بعد تفسيره للقرآن فى سبع محاضرات تعرض لهجوم من علماء الدين ولكن الإذاعة لم تعبأ بالهجوم فواصل أباظة التفسير , كما تعرض للنقد أيضا لأنه كان يخلط فى مفردات حديثه بين الفصحى والعامية ولكنه أصر على تقديم ثمانين حديث بعنوان ( خالتى الحاجة خضرة ) كان يعبر فيها عن الأمثال التى تجرى على لسان الفلاحين ويشرحها ويربطها بالأحداث الجارية فى ذلك الوقت ..
ومن البرامج الجماهيرية التى قدمها الراديو كان ( جرب حظك ) الذى قدمه الإذاعى طاهر أبوزيد وأذيعت منه حلقة فى البرنامج وكانت عن دور ( الخاطبة ) فى المجتمع من خلال لقاء مع الخاطبة ( حليمة صالح ) التى جاءت بها من تركيا الأميرة فائقة فعاشت فى مصر 48 سنة قامت فيها بتزويج آلاف العرائس والعرسان , وكان الحوار بينها وبين أبوزيد ضاحكا لأنها كانت كثيرة الكلام ولا تترك فرصة له لأن يسألها أولا بل تتحدث عن نفسها وتقاطعه فيضحك جمهور الحاضرين ..
أما الختام فكان مع برنامج ( عزيزى المستمع ) للمقارنة بين غناء محمد عبد الوهاب لأغنيته ( قوللى عملك إيه قلبى ) التى أذيعت فى الحلقة وبعدها أدى محمود رشاد المصرى من هواة الغناء الأغنية على طريقة المطربين القدامى قبل عشرين عاما بالمط والتطويل فكانت لون من ألوان التعبير الفنى فى عصر سابق عن الحب الذى قالت عنه أم كلثوم ( آخره علقم والله علقم ) فى أغنيتها ( عن العشاق ) والتى كانت أجمل ختام للإحتفال بعيد الإذاعة .
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية