تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > من ينصف حكام مصر السابقين؟

من ينصف حكام مصر السابقين؟

أكثر ما يثير الاستغراب هذه الأيام هو حملات الهجوم ضد زعماء مصر السابقين، والموجات المتتالية من الشائعات التى تستهدف التشكيك فى الذاكرة الوطنية، ولا تترك ملاذًا آمنًا يمكن اللجوء إليه لمعرفة الحقيقة، وآخرها الجدل حول تسريبات عبد الناصر والقذافى، وهل رفع «ناصر» راية الاستسلام بعد النكسة؟.

لم تترك دوامات الأكاذيب حاكمًا مصريًا سابقًا إلا وحاولت شيطنة سيرته، وبدأت مبكرًا مع الملك فاروق نموذجًا للتشويه المتعمد، بعد أن مُحى اسمه من المناهج المدرسية وصورته حملات التشويه كرمز للفساد والانحلال، ولم يكتب اسمه إلا مقترنًا بكلمة «الفاسد».

يقينى أن فاروق لم يكن «يلتهم خروفًا كاملًا على الإفطار» كما كتبوا عنه، ولا شهريار الذى «يبدل النساء كل ليلة»، كما روج خصومه، وكانت له مواقف وطنية أهمها التنازل على العرش طواعية حتى لا تراق قطرة دماء واحدة.

وكان عبد الناصر، زعيمًا بحجم الحلم العربى وترك وراءه سيرة ملهمة، لكنها لم تسلم من الاتهامات، وعاد خصومه ينبشون فى دفاتر أحداث مسيئة، مثل «مراكز القوى» و»مذبحة القضاء» و»زنازين التعذيب»، وانعكست على الشاشة فى أفلام مثل «الكرنك» و»إحنا بتوع الأتوبيس» و»البريء»، ونسى كثيرون أن ثورة يوليو كانت بيضاء لم تسفك الدماء، كما حدث فى ثورات بلدان أخرى مزّقت أوطانها وقتلت شعوبها.

ورغم عظمة الرئيس السادات وعبقريته وشجاعته فى حرب أكتوبر، وصنع سلامًا أنهى به الحروب، إلا أنه ارتكب خطأً سياسيًا بالإفراج عن قيادات الإخوان من السجون والمعتقلات، فأدخلوا البلاد فى موجات متتالية من العنف والإرهاب.

راهن السادات على المصالحة وفتح صفحة جديدة مع التيارات المعادية له، فكان مصيره الاغتيال الغادر فى قلب احتفال النصر، ليبدأ عهد جديد من العنف والتطرف، ما زالت الأمة تدفع بعضًا من فواتيره حتى اليوم.

ولم يشفع للرئيس مبارك أنه جاء الى الحكم فى ظل فوضى عارمة بعد اغتيال السادات، واستطاع بهدوء وصبر أن يعيد الأمن والاستقرار، ولم يفرط فى السيادة والكرامة الوطنية، ويؤخذ عليه أنه لم يهيئ البلاد لانتقال سلمى للسلطة فوقعت فى قبضة الإخوان والفوضى.

ويذكر لمبارك أن وطنيته لم تكن أبداً محل شك، وعندما تنحى قال كلمته المؤثرة: «سيحكم التاريخ عليّ وعلى غيرى بما لنا أو علينا، إن الوطن باقٍ والأشخاص زائلون، ومصر العريقة هى الخالدة أبدًا»، وبدأ التاريخ فى إنصافه بعد الرحيل، حين أدرك كثيرون من الذين أساءوا إليه أنه كان صمام أمان فى لحظات العاصفة.

الخلاصة: إنصاف زعماء مصر واجب وطنى، وتناول أعمالهم يجب ألا يكون بمعزل عن الظروف الصعبة التى واجهتها البلاد فى فترات حكمهم، والتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى أحاطت بكل مرحلة، وكل زعيم سعى بما أتيح له من أدوات وظروف إلى الحفاظ على استقرار الدولة وتحقيق ما أمكن من تطلعات شعبها.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية