تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
مصر وما يحدث حولها !
كان المستعمر البريطانى يطبق سياسة «لا نريد لمصر أن تشبع ولا نريدها تجوع»، ففى شبعها خطر وفى جوعها دمار، وهم لا يريدون لها هذا ولا ذاك، ولكن أن تظل عطشى ولا ترتوى، خوفًا من دورها فى منطقة هى الأخطر فى العالم.
والدول مثل البشر، لا يعمل حسابها الصديق أو العدو، إلا إذا كانت قوية وتفرض احترامها على الجميع، وفى عالم اليوم يأكل الكبير الصغير، وتدوس الأفيال العشب، وفى عالم السياسة ليس هناك حب وكراهية، وإنما «أخشاك» أو «أستهين بك».
من يخشاك يعمل حسابك ويخاف غضبك ويتقرب منك، ومن يستهين بك يسعى إلى انحناءة ظهرك، والمثل يقول «لا يستطيع أحد أن يركب ظهرك إلا إذا كنت منحنياً»، وهذا ما قاله مارتن لوثر كينج، وهو زعيم أمريكى تم اغتياله سنة ١٩٦٨ بسبب التمييز العنصرى.
وتستمد مصر قوتها من تماسك مواطنيها، وعندما أرادوا شق الصف بين المسلمين والمسيحيين، انحاز المصريون لوطنهم وتصدوا للفتن، إيماناً بأن الحماية الحقيقية هى المواطنة والمساواة فى الحقوق والواجبات.
فى الشرق الأوسط ازداد عدد الدول منحنية الظهر، بسبب الوقوع فى براثن الفتن، وتعددت حالات الانهيار، إما من القوى الغازية من الخارج، أو من أبناء البلد أنفسهم الذين كانوا أشواكاً فى ظهر دولهم.
حالة مصر مختلفة، لأن شعبها متماسك، ورافض الفتن والمؤامرات، وملتف حول دولته ومدافع عنها لأنها الملاذ والمأوى، وأنجزت فى سنوات قليلة ما لم يتحقق فى عشرات السنين.
ومن أهم أسباب القوة أن يكون الشعب واعياً بما يدبر له فى الخفاء، ليس استحضاراً لنظرية المؤامرة، ولكن الأقدار كتبت على مصر أن تكون محطاً للأطماع والمؤامرات، واعتادت أن تعيش وتصمد وسط أجواء التوتر والصراع.
لماذا؟.. لأن مصر قلب الشرق النابض، ومنها تسرى الدماء فى العروق، وهى التى منعت بصمودها سقوط المنطقة كلها فى براثن الإرهاب، وإذا هبت فيها ثورة انتشرت رياحها فى سائر الدول، وإذا نهضت ثقافتها أشعت نوراً على العقول المظلمة، وإذا انتصرت تسرى عدوى الانتصار فى بقية الأجزاء.
جمال عبد الناصر - مثلاً - كانت شعبيته تغزو مناطق شتى فى العالم، فصار صوته يجلجل فى الشرق والغرب «ارفع رأسك يا أخى فقد انتهى عهد العبودية»، ولم يحاولوا إسكات صوت عبد الناصر فقط، بل وأد زخم الثورة الذى ملأ كل الدول.
أوقعوا عبد الناصر فى النكسة، وحاصروا المد الناصرى وتمكنوا من القضاء على أحلام الوحدة العربية، ومن ساعتها صارت العروبة هدفاً ثابتاً تصوب إليها البنادق والصواريخ، حتى جاءت الطامة الكبرى فى انتشار قوى التطرف فى سائر دول المنطقة.
لنفهم ما حولنا فى ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، ومخططات إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط، ورسم خرائط القوى السياسية والجغرافية فى المنطقة، سواء من خلال التدخلات الخارجية أو التحولات الداخلية.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية