تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > مشاهد من شتاء الموت فى غزة!

مشاهد من شتاء الموت فى غزة!

تتوالى المشاهد التى تنقلها الفضائيات من غزة فى شتاء الموت برداً، فتصب الحزن فى القلوب، خيام ممزقة على الشاطئ، تعصف بها الرياح العاتية والأمطار الغزيرة، والمياه تحاصر المكان من كل جانب، فلا يبقى للأهالى سوى الإصرار فى عيون الكبار، والابتسامه فى وجوه الأطفال.

وما أدراك ما البحر فى الليل والشتاء.. يتحول إلى كتلة مخيفة، فى قبضة أمواج غاضبة وظلام كثيف، ومياهه الزرقاء تصبح سوادًا داكنًا، مثل قتامة الحياة تحت القصف والحصار.. وفى هذا المشهد المأساوى يعيش أهالى غزة، مشرّدين فوق أرضهم، ولا يملكون من دفء الشتاء سوى ما تمنحه موجات البرد.
وفى الإصرار على الحياة، ترى الجميع يلهثون للحاق بشاحنات المعونات، للحصول على كيس طحين أو بطانية أو علبة دواء قد تخفف وطأة البرد القارس..

صورة تأتى كامتداد لصوت فيروز الذى ظل لسنوات يعبر عن معاناة الشعب الفلسطيني: «المأساة ارتفعت، المأساة اتسعت، سطعت، بلغت حد الصلب، من صلبوا كل نبى صلبوا الليلة شعبى».

وينقلب المشهد ينقلب حين تنقل كاميرات أخرى مقاتلى حماس، يركبون سيارات مكشوفة، يرتدون الأقنعة السوداء ويرفعون الأسلحة عالياً فى الهواء، ويشيرون بعلامة النصر.. وهنا أسأل: على من انتصروا؟، على إسرائيل أم على شعبهم الذى أثقلته الحرب والجوع والتشرد؟، وهل يعيش هؤلاء المقاتلون فى الخيام ذاتها التى يمزقها المطر؟، هل يقفون فى الطوابير نفسها للحصول على رغيف أو بطانية؟، وأسئلة كثيرة لا تجد جوابًا شافيًا.

وصور أخرى لسفّاح الحرب نتنياهو، وهو يهرول فى ممر طويل نحو اجتماع مجلس الحرب، معلنًا موافقته على فتح معبر رفح للسماح بهجرة الفلسطينيين.. وترد مصر بقوة وحسم، فيتراجع مدعياً أنه يفعل ذلك من «أجل الإنسانية».. عن أى إنسانية يتحدث؟.. إنسانية تشريد مليونى فلسطيني، ودفعهم من الشمال إلى الجنوب ثم شرقاً وغرباً «كعب داير»، أم إنسانية موت الأطفال بردًا بين أذرع أمهاتهم العاجزات؟.

وتتوالى الأخبار، الرئيس ترامب، «كتر خيره»، يصر على تنفيذ المرحلة الثانية من مبادرته التى أطلقها فى شرم الشيخ، لم تعد لإسرائيل حجة بعد استلامها جثامين قتلاها إلا واحدًا، ولم يعد أمام حماس إلا أن تواجه مسئوليتها وتسلم السلاح الذى كان أحد أسباب المأساة.

أما الخبر الذى أسعدنى فهو استبعاد «تونى بلير» من مجلس السلام المكلف بإدارة غزة، لم يخف يوماً عداءه لقضايا العرب والمسلمين، وبرر الغزو الأمريكى للعراق، ووصف المذابح الإسرائيلية بأنها «دفاع عن النفس».

ويبقى المشهد الأكثر فداحة: حجم الركام الذى خلّفته حرب الإبادة الإسرائيلية تجاوز٦٠ مليون طن «الهرم الأكبر ٥٫٧ مليون طن»، وملايين الأطنان من النفايات الخطرة، والمتفجرات والأجسام غير المنفجرة.

ركام يطرح سؤالًا واحدًا: كيف يمكن لشعب أن يظلّ قادرًا على البقاء، وعلى ابتسامة الأطفال؟.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية