تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > مراجعة الصندوق والرأي العام !

مراجعة الصندوق والرأي العام !

ردود أفعال الرأى العام على مطالبة الرئيس بمراجعة برنامج الإصلاح مع صندوق النقد الدولي هو الارتياح الشديد، أملاً فى كبح جماح الغلاء، الذى وصل إلى درجة يصعب تحملها، وتحسين الأوضاع المعيشية، وتخفيف الأعباء عن الفئات غير القادرة.

والصندوق ليس وحده المسئول.. فقد ظهرت طبقة يمكن أن تطلق عليها «أثرياء قرارات صندوق النقد الدولي»، ويستغلون الفرص للاستفادة من القرارات وزيادة أسعار مختلف السلع والخدمات، حتى لو لم تكن لها أدنى علاقة بزيادة الأسعار المرتبطة بقرارات الصندوق.

 

زيادة تعريفة البنزين - مثلاً - استغلها تجار السيارات والمنتجات الغذائية والخدمات وغيرها فى رفع الأسعار، وأحدثوا ارتباكاً فى الأسواق وزياداتٍ مفاجئة فى الأسعار، دون مبررات لذلك.

من مصلحة الصندوق قبل مصر أن ينجح برنامج الإصلاح، ليكون نموذجاً أمام الدول الأخرى، ولتغيير الصورة السيئة لسياسات الصندوق التى أدت إلى قلاقل اجتماعية شديدة، وعطلت برامج الإصلاح، وأدت فى كثير من الأحيان إلى إلغائها.

من مصلحة الصندوق أن تمضى سياساته بأقل قدر من الآثار الاجتماعية، ولا تتسع مساحة الفقر فى الدول المعنية، نتيجة قراراتٍ تتسم بالجمود وعدم فهم ظروف كل دولة، وكأنها روشتة يتم وصفها للجميع، مهما اختلفت العلل والأمراض.

الهدف هو الإصلاحات الاقتصادية وليس الضغط على الناس، ويُحسب للحكومة المصرية أنها تعاملت مع الصندوق بأقصى درجات الشفافية والإفصاح، وتبذل قصارى جهدها للالتزام بالبرنامج، رغم أن بعض القرارات كانت المسئول الأول عن حدة الغلاء وارتفاع الأسعار.

لم يضع الصندوق فى اعتباره الظروف الدولية والإقليمية بالغة الصعوبة، والتى أثرت فى الاقتصاد المصرى بشدة، مثل: الحرب الأوكرانية وانخفاض الموارد السيادية الدولارية مثل: قناة السويس والسياحة.

وتحرص مصر على إنجاح الإصلاحات الاقتصادية، وتجنب الآثار السلبية بقدر الإمكان، ولم يسأل خبراء الصندوق أنفسهم: ماذا يحدث - مثلاً - إذا ارتفع سعر برميل البترول إلى مائة دولار - هو الآن سبعين - وهل يطلب من الحكومة زيادة الأسعار التى لن يتحملها الناس؟

قد تكون نوايا الصندوق طيبة فى اشتراط القضاء على العجز فى الموازنة، ولكن السبب هو ارتفاع الأسعار عالمياً بجانب الظروف الاقتصادية السيئة التى تجتاح العالم، والتضخم والركود والاضطرابات السياسية والظروف المناخية وغيرها، وكلها أسباب تتطلب المرونة ووضع البدائل المناسبة، وصولاً إلى الإصلاحات المنشودة.

ولا يخفى على أحد أن الأزمات السياسية فى المنطقة مرشحة للاستمرار والتصعيد،  ويجب ألا يكون الصندوق ماكينة صماء لطبع القرارات دون الأخذ فى الاعتبار مدى قدرة الشعوب على تحمل فاتورة باهظة لم تكن سبباً فيها.

يُحسب للمصريين أنهم تحملوا الفاتورة بصبر ووعي، حفاظاً على وطنهم وحمايته من المخاطر المحيطة بالمنطقة وأدت إلى انهيارها، وليس فى صالح الصندوق الاستمرار فى قراراتٍ تزيد المعاناة، خصوصاً وأن الحكومة أكدت التزامها وحرصها على تنفيذ برنامج الإصلاح.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية