تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
ماذا يتبقى من غزة بعد الاجتياح؟
ماذا يتبقى من غزة بعد الاجتياح الإسرائيلي المزمع تنفيذه في الأيام القادمة؟ وماذا «لو» أعلنت حماس استسلامها وتسليم اسلحتها، وهل يتوقف الاجتياح والتهجير؟ وهل تستخدم الدول العربية والاسلامية اكثر من قرارات الادانة؟
هذه الاسئلة لم تعد افتراضية بل هى واقع يفرض نفسه مع كل ساعة تتساقط فيها القذائف وتتعالى أصوات الانفجارات.. وجيش الاحتلال يحشد ست فرق عسكرية للاجتياح الذى يقول انه يستغرق ستة شهور لتسوية غزة كاملة بالأرض، بحيث يصبح التهجير الخيار الوحيد أمام سكانها.
ليست دعوة للتشاؤم ان اقول إن قوانين الارض عجزت عن إنقاذ غزة وفى انتظار عدالة السماء، يوم ينزل الغضب على تلك العصابة الإجرامية، وكم من مأساة عاشتها البشرية على غرار ما يحدث وكان مصيرها الزوال والفناء.
ليس السؤال: ماذا يتبقى من غزة؟ بل، ماذا يتبقى من الانسانية التى صارت وهما امام وجوه تحترق، وأطفال يستيقظون مذعورين على رائحة الحرائق، وعائلاتٍ تبحث عن وسيلة للهرب، وخيام ممزقة على شواطئٍ تحوّلت إلى برك من مياه الأمطار، ومسنين فقدوا بيوتهم وأوراق هويتهم؟
والمشهد الإنساني يتجاوز الوصف التقليدي للأزمات، وصور قاسية تُعرّى عجز المجتمع الدولى وتواطؤ القوى الكبرى التي اكتفت بالمشاهدة وتبرير استمرار الحرب، بينما يتباهى نتنياهو وجنرالاته بتجهيز الفرق المسلحة للاجتياح الذى يستغرق ستة شهور.
اما الولايات المتحدة فقد سقط خطابها الرسمى حول تمسكها بالعدالة وحقوق الإنسان، وهى الشريك الاساسى فى ارتكاب كل الجرائم، ولا تفعل سوى تكريس معادلة القوة لصالح إسرائيل، وإمدادها بصفقات سلاح بمليارات الدولارات تُستخدم ضد المدنيين، ويتحدث الرئيس ترامب ببرود شديد، يؤكد انه اعطى الضوء الأخضر لإسرائيل لتفعل ما تشاء.
هذا الكم من الألم لا يمكن أن تعالجه بيانات الإدانة، وأقل شيء هو ان «تلوح» الدول العربية والإسلامية بحظر كل صور التعاون مع اسرائيل، لا تطبيع ولا مشروعات تعاون اقتصادى، والمطالبة بوقف تدفّق السلاح الذى يطيل أمد العدوان، ويستخدم فى إبادة المدنيين وجرائم الحرب.
ما يتبقى من غزة بعد الاجتياح لن يكون مجرد أطلال أو بقايا مدينة، بل سيكون جرحاً مفتوحاً فى الضمير الإنسانى والسياسي، ولن تتوقف المأساة بالقضاء على حماس وتسليم اسلحتها، بعد ان تنفتح شهية اسرائيل على مزيد من الحروب التوسعية.
أستغرب جدا من الظهور المكثف لجنرالات التوك شو بضرورة دخول الجيش المصرى فى حرب ضد اسرائيل، متغافلين ان القيادة المصرية تصدر قراراتها بالقوة والحكمة والحسم، بعد دراسة كل الظروف والاحتمالات، ويدعمها اصطفاف وطنى من المصريين الذين يثقون فى قيادتهم وجيشهم.
القضية لم تعد حجم الدمار أو كلفة إعادة البناء، بل فى المعنى السياسى والإنسانى لاستمرار العدوان، فإذا ظل العالم يتعامل مع غزة باعتبارها ساحة اختبار للأسلحة أو صفقة تفاوضية في الصراع الإقليمي، فلن يكون السؤال «ماذا سيتبقى من غزة؟»، بل ماذا سيتبقى من النظام الدولى برمته؟
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية