تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
ما يحدث فى المنطقة رد اعتبار للسادات !
كان الرئيس السادات حكيمًا ورائعًا وهو يسأل اللواء أحمد بدوى قائد الجيش الثالث الميدانى فى أوج الانتصار فى حرب أكتوبر المجيدة عن أحوال الجنود والضباط وهل نزلوا لأسرهم فى إجازات، وكان مبتهجًا وسعيدًا وهو يطمئن على سلامة أبنائه.
سأل السادات بدوى: كانت قوات بدر تحت قيادتك بأسلحتها ومعداتها.. هل حافظت على المعدات والأسلحة؟ وأجاب اللواء بدوى: حافظت على جميع معداتى وأسلحتى، وقاتلت العدو، ورديت على جميع اشتباكاته بعنف، وطورت الهجوم وأمنت مواقعى، واكتسبت أراضى جديدة.. وصفق الحضور فى قاعة مجلس الشعب..
لم يغامر السادات ولم يقامر ولم يدخل الحرب من أجل الحرب بل لهدف نبيل واسترداد الكرامة والكبرياء، وليس من أجل بطولة زائفة أو شعارات حماسية، وشتان بين القائد الملهم وبين المناضل الانتحارى، وما يتحقق بالسلام أفضل من إراقة قطرة دماء واحدة.
كان السادات خبيرًا استراتيجيًا من طراز فريد، وواعيًا تمامًا بموازين القوى فى العالم، مستشرفًا آفاق المستقبل الذى كانت ملامحه تتبلور فى سيادة القطب الواحد، متخذًا قرارات الحرب والسلام، بقدر ما تتطلبه الحرب ويحتاجه السلام.
أتذكر السادات وتنتابنى الأحزان وأنا أتابع ما يحدث فى المنطقة وأخبار سوريا الحزينة التى كانت شريكًا لمصر فى حرب أكتوبر المجيدة، وكان بوسع حكامها أن يدعموه وينصروه فى معركة السلام، ولم يسع أبدًا لسلام منفرد وتحدث عن الضفة الغربية والقطاع والجولان قبل أن يتحدث عن سيناء.
لكنها الشعارات الملعونة وحروب الشماتة التى كانت سببًا رئيسيًا فى هزائم العرب وانكساراتهم، ولم يستوعبوا الدرس وظلت مسيرات الشوارع تتحكم فى اتخاذ أخطر القرارات، وتجسد الحصاد فى غموض مستقبل الشعوب وقدرتها على الاستقرار.
كان السادات يعرف قدر نفسه وحجم قوته فى مقابل إسرائيل المدعومة من الغرب وأمريكا وأن موازين القوى ليست فى صالحه، وأن المجتمع الدولى لن يسمح بإلقاء إسرائيل فى البحر، وحدد أهدافه فى استرداد أرضه والأراضى العربية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية.
كان السادات يدرك أن الحروب هى حصاد الشيطان وأن السعى نحو السلام أصعب من الحرب نفسها، فقاطعوه وقطعوا العلاقات مع مصر ونقلوا جامعة الدول العربية من القاهرة، وما كان متاحًا منذ خمسين سنة، صار الآن حلمًا مستحيلًا.
تنتابنى الأحزان على سوريا والجيش الإسرائيلى يتوغل فى أراضيها، وبعد أن كانت القضية استعادة الجزء المحتل من الجولان، احتلت إسرائيل كل الجولان، ويتقاتل رفقاء السلاح الذين كانوا شركاءنا فى أشرف الحروب، ويتقاتلون بدلًا من توجيه أسلحتهم لإسرائيل وهى المستفيد الأكبر.
ما يحدث فى المنطقة هو أكبر رد اعتبار للسادات، وليتهم يدركون أن سلامة الشعوب واستقرار الدول أكبر بكثير من صراعات النفوذ، وأن كعكة السلطة المعجونة بالدماء هى حصاد مر سيجنى الجميع أشواكه.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية