تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > لماذا يصرخ المحافظون فى الجولات الميدانية ؟

لماذا يصرخ المحافظون فى الجولات الميدانية ؟

لا أتجنى ولا أبالغ عند الكتابة حول أسباب صراخ المحافظين فى الشوارع أثناء جولاتهم الميدانية ، وموقع التواصل الاجتماعى مليئة بفيديوهات تصور دهشتهم من تدهور الخدمات وجشع التجار والإهمال الجسيم.


ودون ذكر أسماء فإننى أعذر أحد المحافظين فى غضبه الشديد ،لتردى أوضاع النظافة وانتشار الزبالة فى الشوارع، رغم تعاقده مع شركة نظافة تتقاضى مئات الالوف، ولا تقدم الخدمات المنصوص عليها فى التعاقد، وهددهم بفسخ التعاقد إذا لم يتم تنفيذ بنوده بدقة.
الملاحظة الوحيدة هو أنه كان يصرخ ، وأعذره لأن الأعصاب أحيانا لا تحتمل فسادا بهذا الشكل، ولكن يجب ضبط النفس والتحكم فى الانفعالات، واتخاذ القرارات الصارمة فى هدوء ، وأهمها محاسبة طابور الموظفين المسئولين عن المتابعة والمحاسبة، قبل ان ينزل المحافظ الى الشارع.
ونموذج آخر لأحد المحافظين وهو يناقش فى الشارع مقترح أحد النواب بتحويل سيارات النقل الصغيرة إلى مينى باص لنقل الركاب ، بعد إضافة  كنبتين ، وإزالة الإكصدام الخلفى لسهولة الركوب، وأحسده على صبره وهو يشرح له أن المصنع نفسه أنتجها لنقل البضائع وليس البشر.
أكيد أن السيد النائب لم يقتنع لأنه موسم انتخابات وهو يحاول جاهدا أن يجد حلولا ولو كانت ضارة للتقرب من أهالى الدائرة فقدم له المحافظ الحل، بالتعاقد مع البنك الزراعى على مينى باصات ، وأن تكون سيارات البضائع مقدم الثمن.
لكن الشىء الذى لم أفهمه هو الجشع والغلاء فى جمعيات تابعة للحكومة ، تتسلم كرتونة البيض من الجمعية بـ ١٣٥ جنيها وتبيعها للمستهلك بـ ١٧٦ جنيها، وكل العذر للمحافظ وهو يصرخ فى مدير الجمعية: حرام عليكم راعوا ربنا، ليه الجشع ده.
بالفعل الناس غلابة ويحتاجون من يرأف بأحوالهم ،بعيدا عن الكلام المنمق عن الأسعار العالمية والظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، وكشف صراخ المحافظين أن هناك أيادى خفية تعبث فى العلن الخفاء وتؤجج الغضب وتعمق الإحساس بالشكوى.
مثلا: أنفقت الدولة مئات المليارات لتطوير المنظومة الصحية وتحديث المستشفيات، ثم يأتى طبيب متعجرف أو ممرض سفيه ويضيع على الناس الإحساس بالإنجاز، وكلنا نعانى من صور مشابهة فى التعامل مع موظفين من هذا الصنف، يفتقدون التربية والأخلاق والسلوكيات.
والطبقة العازلة التى تعطل مصالح الناس هى أخطر شىء على الأمن الاجتماعى والنفسى للمجتمع، وزمان كنا نسخر منهم بعبارات مثل «فوت علينا بكرة يا سيد»، والآن أصبحت جلودهم سميكة لدرجة استفزاز المحافظين ببرودهم وإهمالهم ، والعذر للمواطن البسيط إذا صرخ هو الآخر.
والحل؟
ضبط المنظومة بشكل متكامل وخطط مدروسة،وليس بجولات عشوائية مفاجئة ، ومهما بلغ جهد أى محافظ وقدراته الجسدية والعصبية فلن يستطيع أن يجوب محافظته شرقا وغربا، لضرب الفساد الإدارى والمحسوبية.
وعندما أعود بالذاكرة لخطابات كل رؤساء مصر ، الملك فاروق وعبد الناصر والسادات ومبارك، أجد كلاما عن الروتين والبيروقراطية المتجذرة، والرغبة فى مكافحتها ، وخلق مؤسسات قوية ومنضبطة .. المشكلة متجذرة.
وللحديث بقية

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية