تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > لماذا لا يمكن حصار مصر اقتصاديًا؟

لماذا لا يمكن حصار مصر اقتصاديًا؟

الزمن تغيَّر والحصار الاقتصادى الذى فرضته أمريكا على مصر فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، غير قابلٍ للتكرار، ومصر تُدافع عن أمنها القومى وترفض التهجير، ويحظى موقفها بإجماعٍ داخلى وعربى ودولى كبير.

أمريكا كانت تتهم عبد الناصر بمناصبتها العداء وتهديد مصالحها وتحالفه مع الاتحاد السوفيتى، فى ظل عالم القطبين والحرب الباردة بين الشرق والغرب، ومصر الآن تربطها بأمريكا علاقات استراتيجية ومصالح مشتركة، وتنفتح على كل دول العالم دون انحيازٍ لطرف على حساب الآخر.

وإذا طرحنا السؤال الجدلى: لماذا تُحاصر أمريكا مصر اقتصاديًا؟.

هل من أجل إسرائيل؟، ومصر تربطها بإسرائيل معاهدة سلام وتُحافظ على تعهداتها والتزاماتها بموجبها، وتحرص على تجنُّب الاستفزازات، وهى الوسيط فى اتفاقات التهدئة ووقف إطلاق النار، وبدون الوساطة المصرية كان من الصعب حلحلة المشاكل المعقدة.

مصر لم تُهدِّد إسرائيل منذ توقيع المعاهدة، وتتعامل بهدوءٍ واحترافية مع الأحداث المتوالية منذ الاجتياح الإسرائيلى لغزة، وتضبط إيقاع التطورات منعًا لنُذر انفلات الموقف فى جبهة شديدة التوتر، والحفاظ على فاعلية وحيوية الدور المصرى هو الضمانة الأكيدة لعدم توسيع دوائر الصراع.

إسرائيل كانت دائمًا حجر عثرة فى علاقات مصر بأمريكا فى عهد الرئيس عبد الناصر، والوضع تغيَّر الآن، بعد أن أثبتت أحداث الفوضى التى سادت المنطقة فى الربيع العربى، أن عدم سقوط مصر، حافظ على المنطقة كلها من السقوط فى أيدى الجماعات الإرهابية المسلحة.

مصر الدولة القوية فى مواجهة الإرهاب الذى يستهدف زعزعة الاستقرار فى المنطقة، وليس من مصلحة أمريكا أن تتعرَّض مصالحها للخطر، وهى التى تُعانى حتى الآن من توابع أحداث الحادى عشر من سبتمبر رغم مرور قرابة ربع قرن.

مصر تغيَّرت ويصعب حصارها اقتصاديًا، وتقف على أرضية اقتصادية صلبة رغم ما تُعانيه من تحدياتٍ، وقادرة على الوفاء بالتزاماتها الدولية، ولديها المرونة الكاملة فى التعامل مع ما يطرأ من أزماتٍ وتوفير الاحتياجات الأساسية، وأثبتت أزمات دولية عاتية فى السنوات الأخيرة نجاح الاقتصاد المصرى فى الصمود والتكيف.

مصر تتبنى قضية عادلة ضد التهجير القسرى للفلسطينيين، لأنها تعلم أن التهجير لن يُحقق أمنًا ولا سلامًا، بل يجعل المنطقة كلها مسرحًا للفوضى والصراعات والحروب، بعكس سياسة الأرض المحروقة التى تنتهجها إسرائيل.

ولم تعد قضية التهجير شأنًا مصريًا بعد أن وصل الرفض العربى الشامل إلى درجة التحدى، ولم يعد فى مصلحة أمريكا أن تُعادى الجميع من أجل إسرائيل وسياستها التى تتعارض مع القوانين الدولية والعدالة الإنسانية.

مصر قوية سياسيًا ولا يمكن حصارها اقتصاديًا، وتنتهج سياستها محددات لوقف التدهور فى المنطقة والعودة إلى جوهر المشكلة، وليس افتعال أزمات تزيد الاشتعال، وكما هى أمريكا مهمة لمصر، مصر أيضًا مهمة لأمريكا.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية