تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > لغة ورثة الجنة وأهل النار!

لغة ورثة الجنة وأهل النار!

خاض معركة فكرية ضد أئمة الانغلاق الذين حرموا تعلّم أى لغة غير اللغة العربية، وعندما سألهم عن السبب، قالوا لأن اللغة العربية هى لغة أهل الجنة، فرد عليهم: «وهى أيضا لغة أهل النار».

إنه الإمام المصرى المستنير الليث بن سعد «٧١٣ م / ٧٩١م»، وهو أحد كبار الفقهاء والمحدثين فى الفقه والحديث فى العصر العباسي، وعُرف بعلمه الواسع وكرمه، وُلد فى قرقشندة قرية تابعة لمركز طوخ.

وله مسجد باسمه فى حى الخليفة بالقاهرة، تحديدًا فى شارع الإمام الليثى بجوار قبة الإمام الشافعي، ويعتبر المسجد من المعالم التاريخية البارزة، حيث أُنشئ عام ١٤٠٨م، على يد أبو بكر بن يونس خلال العصر المملوكى الجركسي.

إمام مصرى عظيم، جعل قبلته التسامح والثراء العقلى والتنوع الفكرى والبعد عن التطرف والانغلاق، وواجه بسبب ذلك حربًا ضارية من أئمة الجمود والتخلف، ولم يعجب بعض منهجه خلفاء بنى أمية، فأثاروا قضية أنه مصري، بالرغم من أنه عرف بأنه «سيد الفقهاء»، وسار على دربه الإمام الشافعى عندما جاء إلى مصر.

إمام مصري، وفقيه نشأ فى أحضان النيل، مرتادًا الجامع الكبير «عمرو بن العاص»، منفتحًا على الثقافات العربية والمصرية القديمة، متقنًا لغة الإسلام العربية واليونانية واللاتينية، فاشتق من الإسلام معانى تخاطب القلوب وتهذب الأرواح.

وعندما أمر أحد ولاة مصر بهدم الكنائس كتب له رسالة غاضبة قال فيها: «إنهم أخذوا العهد من المسلمين منذ الفتح، فلا ينبغى نقض عهدهم»، وأرسل إلى الخليفة طالبًا عزل الوالى لأنه مبتدع ومخالف روح الإسلام، فعزله الخليفة وأشار على الوالى الجديد أن يعيد ما تم هدمه من كنائس، وكان مدركًا أن مصر بلد متعدد الأديان، وأن التعايش السلمى ضرورة، وأن الله يحفظ مصر طالما ظل شعبها فى وئام.

وما أحوجنا إلى مثل هؤلاء، ينشرون المحبة والسلام بين الناس، ويقدسون المحبة التى تصون حياة البشر، وتأتى فتاويه معجونة بأصالة مصر واحتوائها لجميع الديانات السماوية، وجميع أبناء تلك الديانات.

لم ينل الليث حظه من الشهرة، لأن تلاميذه لم يحفظوا أثره ولم يدونوا علمه، تاركين ذلك للتجاهل والنسيان، ولو تحقق ذلك لوجدنا مخزونًا من الأفكار النبيلة، التى تدحض التطرف والغلو والخرافات، من فقية مصرى يجسد أصالة بلده.

وقال عنه الإمام الشافعى «كان الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به»، أى لم يحفظوا فقهه وينشروه، «إنه نصير الفقراء وظهير الضعفاء وعزيز النفس وصافى الوجدان».

وقال عنه عبد الرحمن الشرقاوى فى كتابه «الأئمة التسعة»: «لا يعرف الواحد كيف يندثر أثر رجل كهذا له من المكانة ما جعلته مقصدًا للعامة والخاصة والصفوة والملوك، والغريب أنه ما أن تأتى سيرة هذا الرجل إلا وأحيط بهالة من التفخيم والإجلال والإعجاب».

ملحوظة: سبق أن كتبت عنه .

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية