تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > قراءة فى الموقف المصرى

قراءة فى الموقف المصرى

فى المشهد الإقليمى المُتغير، تبدو مصر مثل اللاعب المحترف على رقعة شطرنج مليئة بالتقلبات، تتحرك بثقة ولا تندفع ولا تتراجع، وتختار توقيت خطواتها بدقة تحافظ بها على مصالحها الوطنية، وسط صراع المصالح والمواقف.

فى ظل اندفاع القوى الكبرى على النفوذ بالشرق الأوسط، تُمارس القاهرة دورها بثبات استراتيجي، لا تنجر إلى فخ الانحياز، ولا تفرِّط فى استقلال قرارها الوطني، وخبرتها التاريخية فى قراءة التحولات تمنحها القدرة على بناء تحالفات قائمة على الندية والمصالح المتبادلة، بعيدًا عن الاستقطاب والتبعية.

وعلى رأس ثوابت السياسة المصرية، تظل القضية الفلسطينية حاضرة كقضية مركزية، لا تقبل التهميش ولا التفاوض على حسابها، ففلسطين لم تكن يومًا بالنسبة لمصر، ملفًا دبلوماسيًا عابرًا، بل أحد أعمدة أمنها القومي، وجزء من هويتها القومية، ومسئولية تتحملها بثبات فى سياق دورها القيادى بالمنطقة.
وفى كل تصعيد على غزة، مصر أول مَن يتحرك، تفتح المعابر وتستضيف الفصائل وتُحيى مسارات السلام فى أصعب اللحظات، ولا تكتفى بدور الوسيط، بل تتحرك كضامن لحقوق الشعب الفلسطيني، حاملة لواء الشرعية الدولية، رافضةً أن تتحول القضية إلى مجرد ورقة مساومة فى صراعات النفوذ.

وخلال العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة، جددت مصر تأكيدها أنها الحائط العربى الصلب الذى لا يسمح بتصفية القضية أو تفريغها من مضمونها، دبلوماسيتها النشطة، وتحركاتها المحسوبة، تعكس قناعة راسخة بأن فلسطين ليست عبئًا سياسيًا، بل قضية وطنية وأخلاقية، تتصل بجوهر أمن مصر ودورها الإقليمي.

وفى الوقت الذى تراهن فيه البعض على التحالف مع واشنطن أو بكين، فإن مصر تمضى فى طريقها برؤية مستقلة تنأى عن ذوبان الهوية أو الانحياز لمحاور بعينها، وتستثمر فى شراكات متعددة وتعزز من وزنها العربي، حفاظًا على مكانتها المركزية فى ملفات مُعقدة مثل ليبيا والسودان والبحر الأحمر وغزة.

 وفى معادلة إقليمية تتغير كل لحظة، تظل مصر الرقم الصعب الذى لا يمكن تجاوزه، بثقلها الجغرافى وخبرتها السياسية وقوتها العسكرية، وتصوغ سياساتها على قاعدة الندية والمصلحة الوطنية، والحفاظ على استقلالية القرار وفاعلية التأثير.

نحن الآن نعيش لحظة إعادة صياغة التحالفات والخرائط وموازين القوى، وتُثبت مصر أنها لاعب رئيسى لا يقبل التهميش، وتُعيد تعريف أولويات المنطقة برؤية شاملة تستبق التحولات، وتقرأ ما هو أبعد من المشهد الراهن، فالشطرنج ليست لعبة مَن يسبق فى التحرك، بل مَن يدير القطع بحكمة وتفكير.

وفى خِضم الأحداث المتلاحقة بالمنطقة، تتحرك مصر بثقة الدولة التى تعرف ثقلها، وتعى تمامًا موقعها من خرائط المصالح، وتدير توازناتها بدقة تحمى بها قرارها الوطنى وتحفظ بها دورها التاريخي، مؤكدةً أنها ليست طرفًا فى لعبة النفوذ، بل لاعب أساسى يصنع الفارق فى لحظات التغيير الكبرى، وتتحرك فى قلب الأحداث، بثقة الدولة التى تعرف وزنها وتدرك موقعها جيدًا على خريطة المصالح، وتُمسك بخيوط التوازن.

ملحوظة مهمة: المقال يلخص قراءتى الصحفية للموقف فى ضوء الأحداث السريعة المُتلاحقة.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية