تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
في تفسير مواقف دول المنطقة!
الدرس واضح: فى السياسة لا يحترم العالم إلا الأقوياء، ومن أراد لدولته مكانة بين الأمم، يحرص على أن تظل مرفوعة الرأس وقادرة على مواجهة التحديات بثبات وعزيمة.
وفى العلاقات بين الدول لا وجود للعواطف ولا مكان للشعارات، والقاعدة الحاكمة بين الدول واحدة، إما أن تكون قويًا يُخشى جانبك ويحترم موقفك، أو أن تكون ضعيفًا يُستهان بك فتُستباح حقوقك، وبين هذين الحدّين تتحرك موازين القوى، وتتحدد مكانة الدول على الخريطة الدولية.
المثل الشهير يقول: «لا يستطيع أحد أن يركب ظهرك إلا إذا كنت منحنياً»، وهى عبارة تلخص فلسفة السياسة العالمية، فكما أن الإنسان إذا ضعف صار مطمعًا لغيره، كذلك الدول إذا تهاونت فى حماية أمنها واستقلالها تحولت إلى ساحة مفتوحة للتدخلات الخارجية والصراعات الداخلية.
في الشرق الأوسط، تكاثرت الأمثلة على «الدول المنحنية الظهر»، إما نتيجة ضغوط خارجية، أو بسبب انقسامات داخلية من أبناء البلد أنفسهم، وبعض الدول تحولت إلى ساحات للفوضى، وأخرى إلى مناطق نفوذ تتقاسمها قوى كبرى، لكن وسط هذا المشهد المرتبك، تظل مصر عصية على الانكسار مهما اشتدت المؤامرات.
السر يكمن فى وعي الشعب المصري وصموده، وطالما ظل الشعب متماسكًا ورافضًا محاولات التفرقة والفتن، لن يتمكن أحد من إخضاع الدولة أو النيل منها، ومصر أثبتت خلال سنوات قليلة أنها قادرة على إنجاز ما لم يتحقق لعقود، وأنها تملك مقومات البقاء قوية ومتماسكة رغم كل التحديات.
القوة لا تعنى فقط السلاح أو الاقتصاد، بل تشمل عوامل متعددة تبدأ بوعى الشعب، ومرورًا بمؤسسات الدولة، وانتهاءً بالقدرة على استشراف المستقبل، والدول التى تتجاهل هذه العناصر تدخل مرحلة «الشيخوخة المبكرة»، وتفقد مكانتها، وتتحول إلى مطمع لمن حولها.
التاريخ يؤكد أن مصر هى قلب المنطقة النابض إذا انتعشت بثقافتها أضاءت عقولًا مظلمة من حولها، وإذا انتصرت انتشر الأمل فى بقية أرجاء المنطقة، ولذلك لم يكتب لتجارب رائدة الاستمرار مثلما حدث لجمال عبد الناصر الذى كان رمزًا لمرحلة كاملة حين قال: «ارفع رأسك يا أخى فقد انتهى عهد العبودية»، الصوت الذى هزّ الشرق والغرب وأربك حسابات قوى كبرى لم ترد لمصر ولا للعرب أن يكون لهم مشروع وحدوى أو قوة جماعية.
منذ ذلك الحين تعرضت مصر لسلسلة من الأزمات، وصارت العروبة نفسها هدفًا لتفكيك منظم، وتبدلت المفاهيم وتغيّرت الأولويات، ولم تعد إسرائيل «الخطر الداهم»، واكتفى العرب ببيانات شجب وإدانة، وبينما غرقت دول عربية فى صراعات داخلية أو حروب بالوكالة، واجهت مصر محاولات حصار مستمرة، وفق استراتيجية استعمارية قديمة هدفها ألا تشبع ولا تجوع، لا ترتوى ولا تهلك، حتى تبقى تحت السيطرة.. لكن هذه المحاولات فشلت، وبقيت مصر صامدة، ونجت من «حزام النار والدمار» الذى التهم المنطقة فيما سمى بـ «الجحيم العربى»، وأثبتت أن الدول التى ترفض الانحناء لا يمكن لأحد أن يركب ظهرها.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية