تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > الكتاب > كرم جبر > سنوات العنف من الدعوة إلى السقوط!

سنوات العنف من الدعوة إلى السقوط!

الفقر لا يصنع الإرهاب، ولكن تصنعه العقول التى تضلل الناس باسم الدين لتبرر سفك الدماء، ومنذ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين عام ١٩٢٨ على يد حسن البنا، لم تعرف مصر استقراراً طويلاً دون أن تكون الجماعة طرفاً فى إرباك المشهد السياسى والأمني.

سبعة وتسعون عاماً من الصراع بين مشروع الدولة الوطنية الحديثة ومشروع دينى يرى فى نفسه بديلاً عن الدولة لا شريكاً لها.
 

ومنذ بدايتها اعتمدت الجماعة على بناء تنظيم سرى محكم، يقوم على السمع والطاعة والولاء فوق كل اعتبار، وإذا اشتدت قبضة الدولة لجأت إلى ما تسميه «الكمون»، أى الاختفاء وإنكار الانتماء، وحين تخف القيود تخرج بكامل قوتها إلى العلن، مستعرضة نفوذها الاجتماعى والمالى والسياسي، ومستخدمة الدين كوسيلة للتأثير والتجنيد.

شهدت علاقة الإخوان بالسلطة منذ الملك فؤاد ثم فاروق وحتى ثورة يوليو تقلبات كثيرة، تحالفوا مع القصر، ثم انقلبوا عليه، وتورطوا فى أعمال عنف واغتيالات، أبرزها اغتيال القاضى أحمد الخازندار ومحاولة اغتيال مصطفى النحاس، وحريق القاهرة عام ١٩٥٢، وتقربوا من مجلس قيادة الثورة بقيادة جمال عبد الناصر، لكن الصدام وقع سريعاً عندما رفضت الدولة هيمنتهم على القرار السياسي، فكانت محاولة اغتيال ناصر فى المنشية عام ١٩٥٤ بداية النهاية.
وفى الستينيات كانت المواجهة الكبرى، وشُنّت حملات واسعة لتفكيك الجماعة ومحاكمات انتهت بإعدام عدد من قياداتها، لتتحول تلك الحقبة فى خطابهم إلى رمز للمظلومية واستدعاء مشاعر الاضطهاد، واعترفوا بعد احداث يناير ٢٠١١ بارتكاب جرائم كانوا يتبرأون منها.

وعندما جاء الرئيس أنور السادات، فتح لهم الباب مجدداً، معتقداً أنه يمكن احتواؤهم فى مواجهة اليسار، لكنهم استغلوا الفرصة للتغلغل داخل الجامعات والنقابات، ونشر فكر متشدد مهد الطريق لجماعات العنف المسلح، وكانت النهاية مأساوية حين اغتيل السادات فى ٦ أكتوبر ١٩٨١ على يد إرهابيين خرجوا من رحم فكر الجماعة وينتمون إليها.

بعد يناير ٢٠١١ حصل الإخوان على فرصة العودة إلى الحكم عبر صناديق الانتخابات، فصعد محمد مرسى إلى الرئاسة عام 2012، غير أن تجربة العام الواحد كشفت عن تناقض خطير بين الخطاب والممارسة، إذ تحولت مؤسسات الدولة إلى أدوات تخدم مشروع «التمكين» بدلاً من بناء دولة لكل المصريين، فخرجت الملايين فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ مطالبة بإنهاء حكمهم، لتبدأ مرحلة جديدة من المواجهة.. وبعد قرن تقريباً على تأسيس الجماعة، يبقى السؤال: هل يمكن لحركة عقائدية تقوم على مبدأ «البيعة» أن تتعايش داخل نظام مدنى ديمقراطي؟

أثبتت التجربة أن الإرهاب لا يولد من الفقر، بل من فكر مغلق يبرر العنف باسم الدين، ومصر التى واجهت الإرهاب لعقود، تعرف أن معركتها الحقيقية ليست فقط بالسلاح، بل أيضاً بالفكر، وبالوعى الذى يحمى الأجيال من الوقوع فى فخ الخلط بين الإيمان والانقياد، وبين الدعوة والدولة.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية