تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
دور مصر وصمود حماس
اللقطة العظيمة التى شدت انتباهى، كانت للقيادى الحمساوى خليل الحية، وهو يتحدث فى الهواء الطلق للمراسلين أمام أحد الفنادق بشرم الشيخ .. ودون خوف خرج من الأنفاق المظلمة إلى الشمس والنور.. كان مطلوبًا «مقتولًا» منذ أيام، وأصبح مفاوضًا «حيًا» من أجل السلام.
وأمام حماس فرصة تاريخية لتتحول من المقاومة المسلحة إلى النِضال السياسى، وأن يحصل قادتها على المستقبل الآمن، بضمانات عربية وأمريكية ودولية، وأثبتت الأحداث، أن حماس هى الرقم الأهم فى المعادلة الفلسطينية ولا يمكن تجاهلها، هى التى تتفاوض، ونجاح التسوية من الجانب الفلسطينى يتوقف عليها، ويتحدث عنها الرئيس ترامب بتقدير واحترام.
حماس هى التى صمدت واستشهد قادتها، وظلت عنيدة، لم تسلم وتستسلم، وإذا كانت إرادة المجتمع العربى والدولى قد اتفقت على خروجها من المعادلة، فليكن ذلك بتسليم أسلحتها وإدانة الإرهاب بكل صوره وأشكاله، والانخراط فى المشوار السياسى الطويل جدًا جدًا حتى يتحقق السلام.
الذكاء السياسى يستوجب أن تُعيد حماس حساباتها، وأن تتخلص من عُقدة اللعب على كل الحبال، وتدرك أن مصر هى التى تصدت للمؤامرة الكبرى لتصفية القضية الفلسطينية، ولم تكن تبحث عن دور أو «شو سياسى» وتعرضت لضغوط شديدة يعلمها الجميع، ولم تتراجع خطوة واحدة عن موقفها الصلب.
ووقتٍ كانت فيه واشنطن تبحث عن طرفٍ إقليمى يمكنه أن يحقق تهدئة واقعية دون تفجير صراعاتٍ جانبية، بدت القاهرة الأكثر تأهيلًا، وأدركت أن مصر تمتلك أدوات التأثير على الأطراف، وهذه الثقة لم تكن نتيجة ظرفٍ سياسى طارئ، بل تراكمٌ لتجربةٍ مصريةٍ متماسكةٍ فى إدارة الملفات الحساسة، من ليبيا إلى السودان وصولًا إلى فلسطين، بما يعزز دورها كفاعلٍ مسئولٍ ومتزنٍ فى بيئةٍ شديدة التقلب.
والرئيس عبد الفتاح السيسى، اختار الانتصار عبر السلام لا السلاح، وفى مرحلةٍ يظن فيها البعض أن القوة العسكرية هى معيار الهيبة، أعاد السيسى، تعريف مفهوم «الانتصار الوطنى» بوصفه القادر على حماية المصالح العليا دون الانجرار إلى مواجهاتٍ عبثية.
هذا الخيار يعكس رؤية سياسية مدعومة بتقدير دقيق، مفادها أن السلام المدعوم بالقوة والعقلانية، الطريق الوحيد لضمان المكاسب الدائمة، ولم يكن الإنجاز المصرى مجرد نجاحٍ دبلوماسى، بل تحول استراتيجى فى فلسفة إدارة الصراعات، ومن حسابات الحرب إلى فلسفة التوازنات.
على حماس أن تتوقف طويلًا أمام المشهد الذى شهدته غزة، حين خرج الناس يحتفلون بعد سنواتٍ من الانكسار والموت والدمار، لم يكن مجرد تعبيرٍ عاطفى، بل مؤشر على تبدل المزاج الشعبى والإقليمى، فالشعوب تبحث عن الحياة، وبرزت مصر كقوةٍ إقليميةٍ قادرةٍ على ترجمة مطالب الأمن والتهدئة إلى واقع ملموس.
شاهد العالم بأسره، أفراح غزة بعد مجازر دموية استمرت عامين، وأشاد بمصر وهى تدير الملف الصعب ليس فقط كقلب جغرافى للمنطقة، بل كعقلها النابض، وصانع القرار القادر على صياغة مستقبل يضمن الأمن والاستقرار للجميع.. ويظل السؤال المشروع: هل يفيق العالم لحقيقة أن المنطقة لم تعد تطيق مزيدًا من المذابح، وأن افراح الناس هى الأبقى أمام كل محاولات القهر والدمار؟
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية